وبأسانيد أصح ، من أن المتروك هم الكتاب والعترة ، وليس شيئاً آخر.
المحور الثاني : في القيمة المعنوية والموضوعية لما ذكروا ، وبغض النظر عن حقيقة أن هذه المعارضة مخالفة بوضوح لنص تم التسالم على تواتره وصحته ، (١) أقول : بعد غض النظر عن ذلك فهنا نلاحظ عدة أمور منها :
أ ـ لا خلاف في ان موضوع السنة من حيث المبدأ واجب الاتباع والتجليل لعقيدتنا الراسخة بأن ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو قول الله سبحانه وتعالى ، وما فعله وما أمضاه هو عين التبليغ الإلهي باعتبار قوله تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) ، ولكن هذا هو عنوان الكبرى من المسألة ، ومايهمنا هو وجوب تثبيت العنوان الصغروي من الموضوع ، وهو أي سنة هذه التي يجب اتباعها؟ فمن المعلوم أن المسلمين لم يختلفوا بشيء بقدر اختلافهم في تحديد المراد بهذه السنة وتحديد الطرق التي تؤمن لهم الوصول إلى هذه السنة ، وهم إن اختلفوا إلى فرق وجماعات فلأسباب من أهمها اختلافهم في السنة ، وقد انجر خلافهم هذا إلى حيرتهم في طبيعة المقصود بالسنة ومنابعها ، وضاعف نسبة الحيرة هذه أن عدد المرويات الرسولية لا تفي بأن تكون بحجم دين أخرج لكافة الناس في كل الأمكنة ولكل الأزمنة ،
____________________
(١) من حيث المبدأ فإننا لا نعتقد بوجود تعارض بين الخبرين إن كانت السنة تعني وجود جهة أمينة عليها وتكون هي موضع الحسم في حال اختلاف الناس حول الصادق منها ، وحول المصداق ، وهي بذا لن تكون متعارضة مع خبر الثقلين ، إذ ان هذه الجهة ستكون هي أهل البيت عليهمالسلام ، ولكن القوم أنفسهم يعتقدون بوجود هذه المعارضة ، فهذا الآمدي ـ وهو من أئمة القوم ـ يقول بتمحل عجيب : لا نسلم أن المراد بالثقلين الكتاب والعترة! بل الكتاب والسنة على ما روي أنه قال : كتاب الله وسنتي! انظر : الاحكام ٣٠٨ : ١ لعلي بن محمد الآمدي (ت ٦٣١ هـ) دار الكتاب العربي ـ بيروت ١٤٠٤ ط ١.
أقول : لربك في خلقه شؤون!!