هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (١) فحديثه عن سبيل المفسدين إنما يكون للأمور العامة ، وحديثه عن القوم يشير إلى عمومية القوم المتبقين إذ لم يأخذ معه إلى الطور إلا النخبة منهم ، وحديثه عن الإصلاح إنما هو حديث عن المهمة الربانية الموكلة إليه.
ولا تعنينا هذه الترهات ، فالقرآن خير هاد لنا في تشخيص دور هارون عليهالسلام ، فهو خليفته في قومه في الآية السابقة ، وهو وزيره وأخوه في موضع آخر (٢) ، وهو ناصره في موضع ثالث ، (٣) وهو المرسل بآياته في موضع رابع ، (٤) فضلاً عن نبوته ، وبما أنه أخرج النبوة عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بسبب ختمها ، فإن كافة متعلقات هارون من موسى تبقى لعلي عليهالسلام من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لو لوحظت مواصفات هارون هذه وطبقت على الأمير فسيجد القارىء أن شواهدها أكثر من أن تحصى ، بل تملأ الكتب الروائية ، ونظرة بسيطة على كتب المناقب كافية في هذا الغرض.
ووصل حقد بعضهم إلى درجة الطعن بنفس أمير المؤمنين عليهالسلام ، وذلك من خلال تحريف الحديث ، فهذا حريز بن عثمان وهو أحد أعلام الرواية الموثوقين عند القوم ، من رجال البخاري والنسائي ومسلم وابن ماجة وأبي داود ، والذي يعتبره احمد بن حنبل بقوله : ثقة ثقة ، دون ان يردعهم عنه كثرة سبابه ولعنه لأمير المؤمنين (٥) رغم أنهم يرون النفاق صفة ملازمة
____________________
(١) الأعراف : ١٤٢.
(٢) الفرقان : ٣٥.
(٣) الشعراء : ١٣.
(٤) المؤمنون : ٤٥.
(٥) تراجع ترجمته في كتب القوم ، وأكتفي بما نقله الخطيب البغدادي في تاريخه عنه فقد نقل أنه كان ثبتاً! شديد التحامل على علي! ، ونقل عن العجلي قوله : شامي ثقة! وكان يحمل على علي ، وعن يحيى بن المغيرة نقل أن حريزاً : كان يشتم علياً على المنابر ، وعن عمران بن أبان سماعه لحريز وهو يقول عن الإمام بأبي وأمي : =