عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذّبيني ، فأرسل إليها .. الخبر. (١)
وبغض النظر عن قصة سارة التي هي من نصوص أكاذيب التوراة المحرقة ، (٢) فإننا سنركز الحديث على الأمرين الآخرين ؛ وهما قوله : إني سقيم ، وتحويل مسألة تحيطهم الأصنام على كبيرها ، وفي البدء لا بد من أن نذكّر بالوصف القرآني لقلب إبراهيم عليهالسلام بالسلامة ، وهذا الوصف الذي أطلقه الله سبحانه وتعالى ، لم يقيّد بأي قيد يخرج منه ما وصم به من قول الكذب ، يكفي وحده لتكذيب أبي هريرة ومن روى فريته هذه!! فهم أولى بالكذب من نبينا إبراهيم (صلوات الله على نبينا وعليه واَلهما أجمعين).
أما قوله الأول فقد جاء ضمن سياق محاورة فكرية نتلمسها في قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) (٣) ، ووفقاً لحديث الروايات فإن القوم قد دعوه لحضور عيد معهم ، وأعيادهم كان فيها من مظاهر الشرك الشيء الكثير ، فاعتذر عن حضور العيد بقوله : إني سقيم ، وقوله هذا لم يفصح عن كنه السقم الذي اعتراه وتحدّث عنه ، فهل هو سقيم بمرض ما؟ أو أنه سقيم بمعنى حزين عليهم بسبب ما يلتزمون به من أفكار ومعتقدات؟ ولم يفصح عن زمان هذا السقم ، فهل هو حديث عن الحال ، أم إنه حديث عن المستقبل؟ كما انهم حينما تولوا عنه مدبرين لم يفصح النص عن سبب توليهم هذا ، فهل هو سبب المرض؟ أم بسبب اليأس من اشراكه بعيدهم
____________________
(١) البخاري ١١٢ : ٤ كتاب بدء الخلق (باب واتخذ الله إبراهيم) ؛ ومسلم بشرح النووي ١٢٣ : ٥ ـ ١٢٤.
(٢) انظر سفر التكوين من العهد القديم ؛ الاصحاح العشرين ص ٩٦ ؛ دار المشرق ـ بيروت ١٩٨٩.
(٣) الصافات : ٨٣ ـ ٩٠.