واحتفالهم بأصنامهم وطقوسهم تجاهها؟ مما يبقي حديثه عن السقم في حال الابهام ، ولهذا فلا نجد أي مبرر للحديث عن وجود مخالفة للواقع في ما تحدّث به ، خاصة وأن الآيات لم تلزم قارئها على الاعتقاد بأن الحديث قد تم في حال واحد.
أما نظره في النجوم وما يبدو أنه عمل بالعادة التي جرى عليها كهنتهم وسحرتهم ، فأوضح ما فيها ان الناظر إليها هو إبراهيم عليهالسلام نبي التوحيد ، وطبيعة شخصه (صلوات الله عليه) قرينة واضحة على طبيعة النظر ، فلا أقل ان النظر لن يكون على عادة أرباب الشرك وأصحابهم ، هذا مع العلم ان الحديث لم يشخّص المراد بالنجوم ، فهل هي حالة من حالات استشراف المستقبل؟ ولا قادح في ذلك ، أم انه أراد بالنجوم حالة الأنواء وما يخبره الجو ، لا سيما وأن ظاهر الحديث قد يوحي بأن الحديث كان نهاراً ، فالقوم لا يخرجون إلى محلات الأعياد في الليل.
أما حديثه في شأن تحطيم الأصنام وعزوه التحطيم لكبيرهم كما ورد في الآية الكريمة : (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) (١) ، وقد اعتبرها القوم ان قوله هذا هو كذبة واضحة من أجل الفرار من التبعات التي ستترتب على عملية التحطيم ، ولكن ملاحظة ذلك وفقاً لشخصية إبراهيم عليهالسلام ترد ذلك جملة وتفصيلاً ، فما هو الذي يجبن أو يخاف على نفسه كما تحدّثنا به الآيات ، فأي خوف سرى إليه وهو من قبل قد واجه بصلابة طغيان وتجبر نمرود؟ فلم لم يسر الخوف إليه آنذاك
____________________
(١) الأنبياء : ٥٧ ـ ٦٣.