ركعتين. (١)
وجاء في خبر آخر : إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون. (٢)
وحين يسهو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاته ، فهو على الأقل دليل على عدم شمولية عصمته ، هذا إن لم يكن بطبيعه دليلاً حازماً في رد هذه العصمة بكل تفاصيلها.
وهذه الشبهة لا تقوى في الواقع على الصمود أمام النقد الموضوعي ، فإن كان مستندها مثل هذه الأحاديث فهي مضطربة سنداً ومتناً وتركيباً ، ولست في صدد مناقشتها ولكن يكفي هنا الإشارة إلى أن ذا اليدين هذا قد احتار القوم في هويته ، فأغلبهم على إنه ذو الشمالين ، ومن المعلوم أن ذا الشمالين قد استشهد في بدر ، فمن أين التقاه أبو هريرة؟ ومنهم من قال انه غير ذي الشمالين واسمه عمير بن عبد عمرو ، وسمّاه بالخرباق السلمي ، وقد ضعّف البخاري حديثه هذا (٣) ، وأفضل ما لديهم من أسانيد الخبر تنتهي بأبي هريرة ، ومن أولى من أبي هريرة بأحاديث كهذه؟!!
وكيفما كان أمر السند ، فإن المتن واه جداً ، كيف لا؟ وقد خالفوا فيه جملة من الآيات القرآنية ، فالقرآن حريص على عدم نسبة النسيان إلى الله سبحانه ، بل في كل المرات التي تعرّض فيها إلى أسباب النسيان كان الايعاز فيها إلى الشيطان كما نجد ذلك في قوله تعالى : (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) (٤) ، وكما في قوله : (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (٥) ، وهكذا قوله تعالى : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ
____________________
(١) مسلم بشرح النووي ٦٨ : ٥.
(٢) مسلم بشرح النووي ٦٦ : ٥.
(٣) انظر الكامل في ضعفاء الرجال ١٢٠ : ٣ ، والضعفاء للعقيلي ٢٥٠ : ٤.
(٤) يوسف : ٤٢.
(٥) الكهف : ٦٣.