التصدي للعمل المرجعي ، وأحس محمد حسين فضل الله ـ وهو المعروف بتفوقه باقتناص الفرص ـ أن الساحة قد باتت مؤهلة لأن يستغل الظرف القائم ، ومنذ أواخر عام ١٩٩٣ م بدأت صفحة من التوافق الجديد (١) بين فضل الله وبين قيادة حزب الدعوة الجديدة التي أضحت مستقرة في تيارها القوي المسيطر في لندن على التحالف وتقاسم الأدوار والفرص ، ووفق هذه الصفحة سيبايع فضل الله بعنوانه مرجعاً وسيدعم ذلك بأجهزة الدعاية التي يملكها الطرفان ، وتناغمت حركة الفريقين بسرعة وسرعان ما تسلق فضل الله درجة الاجتهاد وسط دهشة العديدين ، ثم سرعان ما طواها إلى درجة المرجعية ، ليضع نفسه بعنوانه إماماً ومرجعاً للطائفة!!
ولم يحرك هذا الأمر الساحة الفكرية والعلمائية رغم حالة الاستغراب التي تلقاها من قبل الكثيرين من المقربين إليه ، وحتى ينسى الجمع ما جاء به في مسألة الاجتهاد والمرجعية راح يشغل الساحة بما كانت في شغل عنه ، ففي أواخر عام ١٩٩٤ م طرح مسألة نفي مظلومية الزهراء (صلوات الله عليها) أمام عدد كبير من النساء في مسجده ببئر العبد في بيروت ، واستطاع بشق الأنفس وبكثير من اللف والدوران احتواء الأزمة والتخفيف منها ، ولكن هذه المسألة أثارت في الوسط العلمائي فضولاً أوسع مما بدا لفضل الله انه استطاع التغلب عليه ، إذ راحت طبقة منهم تثير هذه المسألة وهي : إن كان فضل الله قد تكلّم عن مظلومية الصديقة الطاهرة عليهاالسلام رغم بديهيتها على هذا النحو ، فإنه لربما يكون قد تجاوز أشواطاً أبعد في الكثير من المسائل الفكرية والعقيدية ، وفي هذا البين تم اكتشاف نصه في كتابه «تأملات إسلامية حول المرأة»حول نفي عصمة الزهراء عليهاالسلام من قبلي والأخ العزيز الحجة
____________________
(١) بعد ما يشبه القطيعة المؤقتة ، وقد كنت شاهداً على بعض فصولها ، وقد أسمعني العديد من الكادر الحزبي المسؤول آنذاك الكثير من كلمات الذم والشكوى منه لبخله وسطيحته في التحليل.