وإلى الروايات التي وردت عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهمالسلام ، وبغير ذلك فلا سبيل للحكم على اختصاصها بأحد.
ولو لاحقنا منطق القرائن في تخصيص عموميات القرآن ، فسنجد أن من ضروري القرآن ابتعاد اختصاص الآية عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم! وذلك لأمور عدة أذكر منها ما يلي :
أ ـ اقتران العبوس مع التولي وهو الاعراض ، يسجل نقطة أخلاقية سلبية مهما حاولنا توجيهها وتفسير مبرراتها ، فإن لم يره الأعمى فلقد رآه الجليس ، وهو يمثل قطعاً توجهاً أخلاقياً يمكن للجليس ترتيب الأثر عليه ، هذا فضلاً عن أن القيمة الأخلاقية إنما تنطلق من الذات وتعبّر عنها ، ولا أثر في حساب هذه القيمة بأن الطرف المقابل رأى ذلك أم لا! وعندئذ فإن القرينة القرآنية ستبعد هذا الحديث عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو صاحب الخلق العظيم ، (١) وهو المخاطب بأنه إنما أرسل فلكي يكون رحمة للعالمين ، (٢) وهو لين العريكة المطالب بأن لا يكون فظاً غليظ القلب كما أشارت الآية الكريمة : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (٣) ، وهو المطالب بأن لا يفارق عين الرأفة بالذين يدعون ربهم بالغداة والعشي كما قال الله سبحانه : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٤) ، ومن الواضح أن حديث الآية عن العبوس والاعراض لا يتفق مع المعايير الأخلاقية التي تكمن وراء هذه الآيات ، فخلف هذه الآيات هناك أمر رباني من جهة ، ومواصفة أخلاقية تمتع
____________________
(١) القلم : ٤.
(٢) الأنبياء : ١٠٧.
(٣) آل عمران : ١٥٩.
(٤) الكهف : ٢٨.