الأدوات الكفيلة لفهمهم إلا بمقدار ما أفصحوا عن أنفسهم أو أفصح النص عنهم ، وبالتالي ففاقد الشيء لا يعطيه ، فلا نحن من أهل العصمة حتى نستقصي فهم المعصوم ، ولا هم عليهمالسلام من أهل الذنوب كي نقيسهم على أنفسنا.
هذا على الرغم من التأكيدات العلمية المعاصرة بأن فردانية كل نفس إنسانية لها خصوصية لا يمكن تطابقها مع فردانية أي نفس أخرى ، ولهذا فإن عملية القياس هذه لو تمت ما بين نفسين متساويتين ـ على طريقة فرض المحال ليس بمحال ـ فإنها تبقى في أحسن الأحوال عملية ظنية لا يمكن معها الخروج بعلم يحتج به ، فما بالك في عملية قياس نفس ـ لو تمت ـ فإنها على أحسن الأحوال الظنون لتمت من قبل نفس لا يدّعي نفس صاحبها لها العصمة ، كي تفهم نفساً رفلت منذ نعومة أظافرها بعناية السماء ورعاية الأنبياء بكل ما يمكن لهذه الكلمة أن تؤدي إلى نزاهتها وعصمتها وطهارتها ، خصوصاً وأن عملية المقايسة المطلوبة لو تنزّلنا وقلنا بإمكان تحققها فإنها تستدعي أن تكون جميع عناصر الشخصية التي نريد مقايستها ومكوناتها وصفاتها ومعطياتها حاضرة بين أيدينا ، فما بالك بمقايسة أغفلت أبسط القرائن المقامية والكلامية التي أشير إليها في القرآن الكريم كما سيتضح في ما بعد عند تناولنا لهذا الموضوع!!
والثانية : إن هذه الطريقة تغفل الجانب التوثيقي في بحث مسألة تاريخية ، خصوصاً وأنه يتحدث عن هواجس قلب ، وهذا الحديث طبيعته مادة ظنية ما لم تكن هناك وثيقة تاريخية تحول هذا الظن إلى يقين.
وفي كل هذه الحالات نجده لا يمتلك أي منهج علمي يمكنه من الحصول على دليل علمي يمكن له أن يدعم نظرية في اتهام النبي يوسف عليهالسلام ، اللهم إلا بضع ظنون تم استحصالها من طريقة مقايسة نظرته لذاته على نظرته للنبي يوسف عليهالسلام ، مدعومة بخلفية روائية عامية ، وفي كل ذلك لن نجد إلا تخرصات ومزاعم لا تغني عن الحق شيئاً.