انه بذلك قد نقض عماد المذهب ، وما نقض في الواقع إلّا بنيانه!!
ولا أنوي ملا حقة كل ما كتب في شأن نقده للعصمة ، ولكن أنوي التوقف عند بعض المحطات الرئيسية التي حاول أن يؤسس عليها فكره ، ومن هذه المحطات أذكر ما يلي :
١ ـ ادعى الكاتب أن العصمة هي وليدة القرن الهجري الثاني ، (١) وقد عرف القاريء أن الأدلة التي يؤؤسس الفكر الإمامي عماد العصمة عليها إنما تعود إلى النص القرآني والرسولي ، ولست بحاجة بعد الذي قدّمناه في أبحاث الكتاب إلى التدليل على ذلك.
٢ ـ وزعم أن : نظرية العصمة التي قامت عليها نظرية الإمامة الإلهية نظرية حادثة مرفوضة من قبل أهل البيت وعموم الشيعة! حيث كانت فلسفة العصمة تقوم على مبدأ الاطلاق في الطاعة لولي الأمر وعدم جواز أو امكانية النسبية فيها ، وذلك مثل الرد على الإمام ، ورفض اطاعته في المعاصي والمنكرات لو أمر بها ، والأخذ على يده عند ظهور فسقة وانحرافه. وهو المبدأ الذي كان الحكام الأمويون المنحرفون يدأبون على ترويجه ومطالبة المسلمين بطاعتهم على أساسه طاعة مطلقة في الخير والشر ، وهو ما أوقع فلاسفة الإمامية في شبهة التناقض بين ضرورة طاعة الله الذي يأمر بطاعة أولى الأمر في الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) وضرورة طاعة الحكام بصورة مطلقة حتى في المعاصي والمحرمات. (٢)
وهذا الكلام الخالي من الاستدلال والمملوء بالتناقضات والافتراء على الشيعة وفلاسفتهم ، إنما يفضح نفسه بنفسه ، فالشيعة لا تؤسس فلسفة
____________________
(١) تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه : ٨ ، دار الشورى ـ لندن ١٩٩٧ ط ١.
(٢) نفسه : ٧١.