العصمة على مبدأ الاطلاق في الطاعة لأولى الأمر ، بل العكس هو الصحيح تماماً ، فالطاعة كمبدأ تقنين للعلاقة ما بين التابع والمتبوع ، تحتاج إلى مرجعية تشريعية تحدّد هوية التابع والمتبوع ، بالشكل الذي تجعل التابع يسلم القياد إلى المتبوع ، وهذه المرجعية التي قد تلحظ وهي تبني نفسها على أساس نص تشريعي لا يراعي جانب العصمة في المنصوص له ، كما يلحظ في تأميرات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض الصحابة على من سواهم في سرايا الحروب وما إلى ذلك والزامه للمسلمين بالطاعة لمن أمّره عليهم ، إلا ان المدقق يعرف أن هذا النص إنما يصدر مع وجود جهة تشريعية أعلى ، وهو لهذا واضح النسبية ، ولكن ما العمل لو أن هذه الجهة التشريعية غابت عن الوجود؟ فمن هي الجهة البديل؟ وعلى ضوء ماذا سيتم تحديدها؟!
وهنا لا مناص من الركون إلى مواصفات محددة تجعل الانقياد إلى المجسّد الاجتماعي لها أمراً يستساغ شرعاً ، وفي هذا الحال سنجد أن هذا المجسّد إما أن يكون شخصية معصومة أو غير معصومة ، فإن قلنا بعصمتها ، فقد أرجعنا الطاعة للعصمة وليس العكس ، وإن قلنا بعدم عصمتها فسنلحظ أن هذه الشخصية إما أن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فعندئذ ستكون طاعتها مبنية على أساس صوابها في صدور الأمر ، وبالتالي فإن هذا الصواب هو أحد انماط العصمة ، ومعه فقد أرجعنا الطاعة للعصمة مرة أخرى ، وإما أن تأمرنا بالمنكر وتنهانا عن المعروف ، فعندئذ سوف يسقط عنا إلزام الطاعة لأنها أخطأت الحكم الشرعى ، ومعه سوف يكون سبب سقوط إلزام الطاعة خلو هذه الشخصية من خصيصة العصمة ، وبذا نكون قد أرجعنا الطاعة مرة ثالثة إلى العصمة ، ومن هنا أسّس الفكر الإمامي مقولته عن الأمر الملزم بشكل مطلق ، وعن الأمر الملزم بشكل نسبي ، فعلّق الأول على عصمة الآمر ، وخصّ الثاني بعدم عصمته ، ولهذا يقول الدليل القرآني والعقلي أن الشارع المقدّس متى ما كان في صدد الأمر الملزم بطاعة شخص أو جهة على أي حال فإنه يكون في صدد التصريح بعصمة المطاع ، ومتى ما كان