الأمر قاصراً عن ذاك فالمطاع ليس من أهل العصمة.
ولو دققنا في النص القرآني لوجدنا أن الله سبحانه قد تحدّث عن الامرين معاً ، فقد ألزم بطاعة جهات بشكل مطلق دونما تقييد ، وألزم بطاعة جهات ولكن بصورة مقيّدة ، ومثال الأمر الأول الآيات الكريمة التي تأمر بطاعة الرسول على أي حال ، فقد قرن طاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم بطاعة الله سبحانه وتعالى وجعلهما في عرض واحد ومثاله الآية الكريمة : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (١) ، وقوله تعالى : ( وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (٢) ، وكذا قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا) (٣) ، فهنا نلحظ ان طاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هنا هي طاعة ملزمة بشكل مطلق ، وهي باطلاقها إنما تتحدّث عن عصمته (صلوات الله عليه وآله) ، فهو إما أن يكون معصوماً أو غير معصوم ، فإن أطلقت طاعته على أي حال كما هو منطوق الآية ، فقد لزمت طاعته في الصواب والخطأ ، فإن أطعناه في خطئه فقد نقضنا أمراً إلهياً عاماً بعدم فعل الخطأ وعدم طاعة المخلوق في معصية الخالق ، وإن تخلفنا عن طاعته فقد نقضنا أمراً إلهياً بعدم معصية الرسول ، وحيث لا يعقل تناقض الأوامر الإلهية ، فقد لزم أن يكون الأمر المطلق بالطاعة هو النص في شأن عصمة المطاع.
ونظير هذا الأمر ما جاء في الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) فالآية قد جعلت طاعة الله وطاعة الرسول وأولي الأمر في مصاف واحد ، وحيث لا يعقل أن تكون طاعة الله وطاعة رسوله هو من سنخ الأوامر النسبية ، فإنّ جعْل طاعة ولي الأمر في مصاف طاعتهم هو
____________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) النور : ٥٢.
(٣) الأحزاب : ٣٦.