اطلاق لطاعته أيضاً ، وهو ما نلحظه في خلو آية طاعة ولي الأمر من أي قيد يخرجه عن طاعة الله ، مما لزم أن يكون ولي الأمر من أهل العصمة ، لأن خلوه من العصمة سيؤدي إلى تناقض الامر الإلهي وفق ما بيّناه في الحديث عن عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ونظير هذه الآية الآية الكريمة : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (١) ، فالولاية التي هي مرجعية الطاعة وأساسها الفلسفي ، قد جعلت لجهات ثلاث وعرضت في مصاف واحد باطلاق واحد وحيث لا مجال للشك في عصمة ولاية الله ورسوله ، فلا مجال أيضاً للشك في عصمة ولاية الجهة الثالثة ، وكي لا يكون مصطلح الذين آمنوا فضفاضاً قامت الآية بتخصيص هذه الجهة بقيد يوضح المراد منه ، ولأنّ اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة يمكن لكل أحد من أفراد الذين آمنوا ادعاؤه فقد ربطت الآية المراد بحدث تاريخي لن يتكرر بسابقته لا بصورته ولا بشكله ، وهذا الحرص على التقييد يعبّر بدلالة التزامية صارمة عن وجود مؤهل يميّز من عنته الآية عمّن سواه ، ولن يكون هذا المميز غير العصمة ، فلا تغفل!!
هذا في شأن الأمر الملزم بالطاعة على شكل مطلق ، بينما نرى أن الأمر الملزم بشكل نسبي قد قيّدته الآيات القرآنية بقيد يحدد اطلاقه من نسبيته كما في قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) (٢) ، وكذا قوله تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) (٣) ، فالطاعة المطلوبة هنا قيّدت بقيد هو عدم الشرك بالله ، فتحول الأمر إلى النسبية ، ولو دققنا في مصطلح الشرك وعلاقة الذنب به ، لوجدناه يدلّ ببساطة على عصمة من أطلقت الآيات طاعته ،
____________________
(١) المائدة : ٥٥.
(٢) العنكبوت : ٨.
(٣) لقمان : ١٥.