فالذنب ـ كما هو معلوم ـ هو أحد صور الاشراك بالله سبحانه ، وحيث أطلق الطاعة هناك ، وقيدها بهذه الصفة فإنه يدلّنا على إن من أطلق طاعته لم بشرك بالله ، وهذا الإشراك المعروض بشكل مطلق يشير إلى كل أنواع الإشراك كبر أم صغر ، مما يعني عدم تخلل الذنوب إلى داخل شخصية أولئك.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن دعواه بوقوع الفلاسفة الإماميين في شبهة التناقض بين ضرورة طاعة الله الذي يأمر بطاعة أولي الأمر ، وبين طاعة الحكام ، فهي فرية لا يصدقها أدنى من له خبرة فب تأريخ الشيعي ، فمنذ متى كان الفكر الشيعي يرى في الحكام صورة ولاة الأمر؟ ولماذا حرص الحاكم على تسمية الشيعة بالروافض؟ أليس بسبب رفضنا لهذه النظرية؟ ولم اتهمت الشيعة بالخروج عن الاجماع ؛ أليس بسبب عدم إيمانهم بولاية من يتولى الأمر دون ضوابط الولاية الشرعية؟!
٣ ـ وقد ادعى بعد ذلك أن أئمة أهل البيت كانوا يرفضون العصمة أشد الرفض مستنداً إلى خطبة امير المؤمنين والتي مرت بنا في الفصل السابق في شأن قوله : ولست في نفسي بفوق أن أخطيء ، ليعقبها بالقول : ولم يكن الإمام علي ليقول لهم ذلك لو كان هناك أي حديث عن العصمة في أوساط الأئمة والشيعة والمسلمين ، وذلك لأن هالة العصمة تحتم أن يضع الإمام نفسه فوق النقد ، وأن يحرّم المعارضة او التجرؤ بتوجيه النصح والمشورة ، وهذا ما لم يكن يفعله الإمام علي الذي ضرب أورع الأمثلة في التواضع والمساواة .. ومطالبة أصحابه بأداء دورهم السياسي في مراقبة الإمام. (١)
وقد حكم الكاتب على نفسه بكلامه هذا بعدم الفهم أكثر من أي شيء آخر ، فأين حديث العصمة من تربية الوعي السياسي والاجتماعي في مواجهة الحكام الطغاة؟! ففرق بين فكر يريد إشاعة الوعي ترقباً لأحداث قد تدهم
____________________
(١) تطور الفكر : ٧٣.