لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم ، كما جاز على المأمومين ، ولم يكن المأمومون أحوج إلى الأئمة من الأئمة لو كان ذلك جائزاً عليهم. (١)
وما يهمنا من هذا الكلام هو ما حكاه عن الفرقة الأولى التي نسب إليها المتكلم الشيعي الفذ هشام بن الحكم (رضوان الله تعالى عليه) والذي كان عقدة كبيرة لمتكمي عصره من المعتزلة والخوارج وغيرهم ، أما كلامه عن الفرقة الثانية فهو كلامنا نحن الإمامية الاثنا عشرية ، ولكنه حين ينسب الكلام الأول لمثل هشام بن الحكم فإنه يغمز بطرف واضح وبيّن إلى نفس الإمامية.
وقد حمل قول الأشعري عن هشام بن الحكم بقية كتاب الفرق والعقائد حتى المعاصرين منهم كالدكتور النشار وغيره إلى أخذه أخذ المسلّمات دون تدقيق أو تحميص أو مساءلة عن المصدر الذي نقله عنه ، كما هو دأب غالبيتهم في ما ينقلونه عن الآخرين.
ولا أخال أن التمعن البسيط في فكر هشام بن الحكم المنقول ضمن المصادر الموثوقة من شأنه أن يعرّي سخف التفكير الذي يعتقد في هشام مثل هذا الاعتقاد الظالم ، فهشام تارة يبحث عن فكره كإمامي جالس الإمامين الصادق والكاظم عليهماالسلام واستمع إليهما ، ونقل أحاديثهما ورواها ، تارة يبحث عن فكره من حيث المستند المنطقي والعقلي الذي يستند إليه ، وثالثة يبحث عن فكره من خلال محاججاته والمجادلاته ، ولو أتيح للقارىء البحث من هذه الزوايا فيسجد أن رأي هشام بن الحكم في العصمة لا يختلف عن أي إمامي يرى أن لا عصمة للأئمة عليهمالسلام إن حرم منها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن أي مساس بعصمة الرسول مهما تضاءل إنما هو مساس أوضح بعصمة
____________________
(١) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين ١ : ١١٥ ـ ١١٦ لأبي الحسن الأشعري ـ دار الحداثة ـ بيروت ١٩٨٥ ط ٢.