الثانية (١) في إعانة الإنسان على الدخول من مداخل الحق ، وبمعنى أن لا يدخل في مدخل غيره ولا تجده إلا عند الحق ، وأن يخرج من مخارج الحق ، وبمعنى أن لا يخرج إلا من مخرج الحق فلا تجده يخرج من أمر إلا بناء على مقتضيات الحق ، وتكاد الآية تتخصص أكثرم اتتخصص فيه ضمن المجال الاجتماعي.
ولربما نتلمس من الحديث المروي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام بعض جوانب هذا المبحث فقد قال عليهالسلام : القلوب ثلاثة : قلب منكوس لا يعي شيئاً من الخير وهو قلب الكافر ؛ وقلب فيه نكتة سوداء فالخير والشر فيه يعتلجان (٢) ، فأيهما كانت منه غلب عليه ؛ وقلب مفتوح فيه مصابيح تزهر ، (٣) ولا يطفأ نوره إلى يوم القيامة ، وهو قلب المؤمن. (٤)
ويشير الإمام الباقر عليهالسلام في حديث آخر إلى الطبيعة التي جبلت عليها قلوب الناس ، ونسبية تحمّلهم للنور لتذبذبهم بين عوالم التقوى والفجور ، وما يمكن لهم أن يحصلوا عليه لو انهم ارتقوا في عالم التقوى ، وابتعدوا عن عالم الفجور ، فقد روى سلّام بن المستنير قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فدخل عليه حُمران بن أعين وسأله عن أشياء ، فلما همّ حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليهالسلام : أخبرك ـ أطال الله بقاءك وأمتعنا بك ـ أنا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا وتسلوا أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس
____________________
(١) وهذه الآية وأن جاءت بصفة دعاء من الإنسان ، ولكن وجودها في القرآن الكريم يشير إلى وجودها كلإمكانية موضوعية ، فجعلها من الأدعية إنما يشير إلى إمكانية تحققها.
(٢) أي يتصارعان.
(٣) في حديث آخر : فيه كهيئة السراج ، وفي ثالث : وقلبه يزهر كما يزهر المصباح.
(٤) الكافي ٤٢٣ : ٢ ب ١٨٥ ح ٣ لثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رحمهالله (ت ٣٢٨ ـ ٣٢٩ه) دار التعارف ـ دار صعب ؛ بيروت ١٤٠١ ط ٤.