رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (١) ، وتلتقي بالروح ، مع لقاءات إبراهيم عليهالسلام الذي بلغ به الأمر أنه أري ملكوت السماء والأرض (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٢) ، وبين لقاءات نبينا الأقدس في محضر الجلال والقدس والتي تصوّرها الآيات الكريمة بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (٣) ، وهي ـ حسب ما يبدو لي ـ بأن البلاغة العربية جاءت بأرفع معنىّ لتصوير قرب الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من الذات الإلهية يمكن للذهن البشري أن يتصوّره مع الحفاظ على خصوصيات التوحيد من أن تشوبها شبهات التحديد والتجسيم ، للحظنا أن التفاوت يعود إلى الفارق بين المؤهلات التي تمتع بها كل واحد منهم (صلوات الله عليهم) ، حتى إنّ مؤهلات السيدة مريم عليهاالسلام لم تكن كافية لأن توصلها إلى مقام النبي إبراهيم عليهالسلام ، وهكذا الأمر في مؤهلات إبراهيم عليهالسلام ومقام نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
* * *
وما من شك أن النور الإلهي المجعول للمتقين والذي يمشون به بين الناس ، والمدخل الصدق الذي وعدهم ، يشير إلى وضع قلوبهم ، وقد عرفنا أن هذه القلوب كلما نزعت باتجاه التقوى كلما ذهب عنها الزيغ والرين ، وكلما ابتعدت عن هذا الزيغ والرين كلما تحررت من
____________________
(١) آل عمران : ٣٧.
(٢) الأنعام : ٧٥.
(٣) النجم : ٨ ـ ١٨.