إتمام للدين وإكما للنعمة ، وهنا لا نريد أن ندخل في طبيعة الحدث وماهيته (١) ، ولكن ما يهمنا هو أن الحجّة الربانية لم تتعلق بهذا الكتاب وحده ، كما انها لم تتعلق بالرسول وحده ، فمن المعلوم أن الآية كانت من جملة أواخر الآيات التي نزلت من القرآن الكريم ، وقد نزلت بعدها بضع آيات أخرى.
وهذا يعني أن المعني بإكمال الدين ليس هو الكتاب ، إذ إن قوله تعالى بإكمال الدين إن ارتبط بالكتاب ، فإنه سيخرج عنه الآيات التي نزلت بعد هذه الآية ، وهذا يستلزم القول بوجود زيادة في القرآن الكريم هو مما لا يرضى به أحد.
وهو يعني أيضاً أنه ليس الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإننا لو قلنا بأن الآية ربطت عملية الإتمام بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالآية نزلت في أواخر حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعلام يهدده القرآن كل هذا التهديد الذي يصل به الحد إلى اعتبار حياته السابقة وكأنها بلا قيمة رسالية ، إن لم يبلّغ هذا الأمر الذي به تمام الدين ويأس الكفر؟!
وهذا ما يصل بنا إلى تأكيد القول بأن ثمة امتداداً ربانياً للرسالة غير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما يبقى علينا ملاحقته هو ملاحظة العصمة في هذا الجانب ، فهل يوجد امتداد زمني للعصمة لا يتوقف عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الدلالة القرآنية؟!
ولو لاحظنا آيات العصمة لوجدناها مع تأكيدها على وجود هذا الامتداد الرسالي ، فإنها تؤكد في نفس الوقت عصمته ، وتتحدّث عنه بنفس الطريقة التي تحدثت فيها عن عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي إنها أجملت وعمّمت في مكان ، وفصّلت وخصّصت في آخر ، ففي آية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
____________________
(١) يمكن مراجعة أسباب نزول الآية في كتابنا : القائد .. القيادة والانقياد في سيرة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : ١٤١ ـ ١٥١ ؛ دار الزهراء ـ بيروت ١٩٨٨ ط ١.