عدم جواز اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ استصحاب الأمر بالصلاة وإن كان يقتضي بقاء الوجوب ، إلاّ أنّ أصالة عدم التخصيص بالقياس إلى دليل حرمة الغصب أيضا يقتضي التحريم ، فيدور الأمر بين الأصل العملي والأصل اللفظي ، وحيث إنّ الثاني في جميع موارده وارد على الأوّل فتعيّن التحريم وارتفع معه شبهة الوجوب.
وبالجملة فكلّ شبهة من دوران الأمر بين الوجوب والتحريم إذا ارتفع أحد طرفيها بأصل عملي أو لفظي موجود في المسألة فهي خارجة عن مسألة دوران الأمر بين الوجوب والتحريم ، لعدم شبهة في الحقيقة بعد ملاحظة الأصل المذكور. هذا كلّه في الشبهة الحكميّة.
وأمّا إذا كانت الشبهة في دوران الأمر بين الوجوب والتحريم موضوعيّة ، بأن يتردّد الموضوع الخارجي بين عنوانين أحدهما واجب بحسب الشرع والآخر محرّم فأمثلته كثيرة :
منها : الكافر المردّد بين كونه حربيّا ليجب قتله أو ذمّيّا ليحرم قتله.
ومنها : الميّت اللقيط في مفازة المردّد بين المسلم ليجب الصلاة عليه والكافر ليحرم الصلاة عليه.
ومنها : الغريق المردّد بين المسلم ليجب إنقاذه لوجوب حفظ النفس المحترمة والكافر الحربي ليحرم إنقاذه لوجوب إعدام النفس الكافرة.
ومنها : المخبر المردّد بين العادل ليجب قبول خبره والفاسق ليحرم قبول خبره ، بناء على انتفاء الواسطة بين العادل والفاسق ، وإلاّ فبأصالة عدم حصول الملكة وأصالة عدم صدور موجب الفسق عن هذا المخبر يحكم بعدم وجوب قبول خبره وعدم حرمة قبوله.
وربّما يذكر من أمثلته الحليلة الواجب وطؤها ـ بالأصالة أو لعارض بالنذر ونحوه ـ المشتبهة بالأجنبيّة ، والخلّ المخلوف على شربه المشتبه بالخمر.
وفيه نظر :
أمّا أوّلا : فلأنّ الشبهة في نحو هذين المثالين من قبيل الشكّ في المكلّف به من باب اشتباه الواجب بالحرام ، وستعرف أنّ من صور الشكّ في المكلّف به دوران الأمر بين الواجب والحرام على معنى اشتباه الواجب بالحرام.
وأمّا ثانيا : فلخروجهما عن حدّ الشبهة بالأصل الموضوعي الموجود فيهما كأصالة عدم الزوجيّة بينهما في الأوّل ، وأصالة عدم وقوع الحلف على هذا الموضوع الخارجي في الثاني ، فتلحق المرأة بالأجنبيّة فيحرم وطؤها ، ويؤول الواقعة في المائع المردّد بعد ارتفاع