طرفي الشبهة ومنتفيا في الطرف الآخر ، فهاهنا صور ثلاث لا يجب الاجتناب عمّا أراد المكلّف ارتكابه من أطراف الشبهة المحصورة :
الصورة الاولى : كون الشرط المعلّق عليه التكليف بالاجتناب عن المعلوم بالإجمال شرطا عقليّا متحقّقا في أحد الطرفين ومنتفيا في الطرف الآخر ، كالقدرة فيما كان الاشتباه بين المقدور والغير المقدور. ومن أمثلته ما لو طار قطرة بول إلى إنائين يقدر المكلّف على استعمال أحدهما ولا يقدر على استعمال الآخر ووقعت على أحدهما واشتبه في نظر المكلّف ، فإنّه لا يوجب الاجتناب عمّا يقدر على استعماله لرجوع الشكّ بالنسبة إليه إلى التكليف لا المكلّف به.
الصورة الثانية : كون الشرط المذكور شرعيّا مع تحقّقه في أحد الطرفين دون الطرف الآخر ، وذلك كما في ملاقاة النجاسة فإنّها وإن كانت سببا لحدوث التكليف بالاجتناب عن الملاقي لكن بشروط ثلاث :
الأول : تحقّق الملاقاة في الظاهر.
الثاني : ظهور أثرها وهو الانفعال فيه.
الثالث : كون الاستعمال مشروطا بطهارته.
فإذا انتفى أحد هذه الشروط انتفى التكليف بالاجتناب.
ومن أمثلة تحقّق الشرط الأوّل في أحد الطرفين وانتفائه في الطرف الآخر ما لو طار قطرة بول إلى إنائين أحدهما بول والآخر ماء واشتبهت بين وقوعها في إناء البول أو في إناء الماء ، فإنّه لا يوجب المنع عن استعمال الماء.
ومن أمثلة تحقّق الثاني وانتفائه ما لو طارت القطرة إلى كرّ وإناء من قليل واشتبهت بين وقوعها في الأوّل أو الثاني ، فإنّه لا يوجب المنع من استعمال القليل.
ومن أمثلة تحقّق الثالث وانتفائه ما لو طارت القطرة إلى إناء من ماء واشتبهت بين وقوعها فيه أو في خارجه ، فإنّه لا يوجب المنع من استعمال مائه في طهارة أو غيرها من مشروط بطهارة الماء. وعليه يحمل ما في صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه عليهالسلام في رجل رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إناه هل يصلح الوضوء منه؟ فقال عليهالسلام : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس به ، فإن كان شيئا بيّنا فلا (١) » وبذلك يسقط
__________________
(١) الوسائل ١ : ١١٢ ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث الاوّل.