إلاّ في المتجانسين ، ولا مجانسة فيما بين الماء والأرض وغيرها من الامور الخارجة من الاناء ، فليس بينهما جهة جامعة.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ المجانسة إن اريد بها المشاركة في الجنس القريب فلم يعتبرها أحد ، وإن اريد بها المشاركة في الجنس مطلقا ولو بعيدا فهي حاصلة بين الماء والأرض وغيرها ولو بنحو من الانتزاع وهو النجس أو المتنجّس ، فيشمله قوله : « اجتنب عن النجس أو المتنجّس ».
وأضعف من ذلك دفع التأييد بإرجاع الفرع المذكور إلى الشبهة الغير المحصورة وهو السرّ في عدم اجتناب الأصحاب عن الإناء كما عن بعضهم ، وكأنّه وهم من بناء المسألة على كون المراد من خارج الإناء الّذي يحتمل وقوع النجاسة فيه صحراء وسيعة ، وهو بعيد غاية البعد ، بل الخارج قد يكون ظاهر الاناء من خارج ، وقد يكون الأرض القريبة من الإناء ، وغير ذلك ممّا يكون الشبهة معه محصورة.
ومن مشايخنا (١) من دفعه بجعل خارج الإناء هاهنا من غير محلّ الابتلاء ، ومن شرط وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة كون جميع ما وقع فيه الاشتباه محلاّ لابتلاء المكلف ، إذ لو لاه لعاد الشكّ بالنسبة إلى محلّ الابتلاء إلى أصل التكليف.
فيشكل : بأنّ الابتلاء بالنسبة إلى كلّ شيء بحسبه ، فيكون كلّ من ماء الإناء ونفس الإناء والأرض القريبة منه من محلّ الابتلاء ، أمّا الماء لاستعماله في الطهارة والإناء للاغتراف منه والأرض للوقوف فيها ، بل المخرج للفرع المذكور عن ضابط الشبهة المحصورة ليس إلاّ أمرا شرعيّا كما أشرنا إليه.
وتوضيحه يعلم بملاحظة اشتراط الطهارة وضوء وغسلا بطهارة الماء ، وعدم اشتراطها بطهارة ظاهر الإناء وطهارة مكان الطهارة ، حتّى أنّه لو علم نجاستهما تفصيلا لم يقدح في صحّة الطهارة وجواز استعمال الماء فيها ، فالنجاسة المشكوكة في الفرع المذكور مردّدة بين إصابتها لما يجب الاجتناب عنه في الطهارة وإصابتها لما لا يجب الاجتناب عنه في الطهارة ، وهذا هو الباعث على عود الشكّ فيه إلى أصل التكليف.
نعم لو فرض الإناء والأرض معا بحيث يكون طهارة كلّ منهما شرطا في استعماله اتّجه وجوب اجتنابهما ، لعود الشكّ حينئذ إلى المكلّف به المبنيّ على تنجّز التكليف وتوجّه
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٢٣٦.