والسنّة ، ولا المأخوذة في معاقد الإجماعات المنقولة ليرجع في استعلامها إلى العرف ، مع أنّ شبهة الفرق بينهما مصداقيّة لا مفهوميّة ناشئة عن خفاء الحيثيّة المأخوذة الفارقة بينهما في الحكم الّتي لا سبيل لأهل العرف إلى معرفتها ، بل لا بدّ من استعلامها من الأدلّة الفارقة بينهما في الحكم ، فيكون بيانها من وظيفة الفقيه لا غير.
ولا يبعد كونها في غير المحصورة عدم ابتلاء المكلّف العالم بالاجمال ، بجميع محتملات المعلوم بالاجمال لكن لا مطلقا لينتقض بما قد يتّفق في الشبهة المحصورة من عدم الابتلاء ببعض أطراف الشبهة ، بل لعدم استحضار المكلّف جميع المحتملات ذهنا أو خارجا ، ولو لتعذّر أو تعسّر استحضارها عادة بواسطة كثرتها عند تقسيمه للمعلوم بالاجمال إليها وترديده إيّاه بينها ، على وجه يجوز في نظره كونه في جمله ما يستحضره أو في جملة ما لا يستحضره.
وعليه فأمكن تعريف الشبهة المحصورة : بما كان الترديد حاصرا لجميع محتملات المعلوم بالاجمال ، والغير المحصورة : بما لم يكن الترديد حاصرا لجميع محتملاته لعدم استحضاره الجميع ذهنا أو خارجا ، كما يقال في التقسيمات ـ عند بيان قصور التقسيم ـ : أنّه غير حاصر لجميع أقسام المقسم ، من الحصر بمعنى الحفظ أو العدّ ، والمحصور في المحصورة وغير المحصورة مفعول من الحصر بأحد هذين المعنيين ، ولا بدّ له من حاصر وهو الترديد ، فهو الّذي ينقسم إلى كونه حاصرا وغير حاصر ، أي حافظا أو عادّا لجميع المحتملات وغير حافظ أو عادّ لجميعها.
وأمّا الحصر ـ أعني المنع ـ وإن احتمل إرادته في المقام ، بأن يوجّه الشبهة المحصورة بما كان ممنوع الارتكاب والغير المحصورة بما كان غير ممنوع الارتكاب ، سواء قدّر المانع هو العلم الإجمالي المنجّز للتكليف في الأوّل دون الثاني ، أو الخطاب الشرعي المتوجّه إلى المكلّف بسبب العلم الإجمالي في الأوّل دون الثاني ، إلاّ أنّه لا يجدي نفعا في تميّز الموارد المشتبهة.
فالصحيح أحد المعنيين الأوّلين بالتوجيه المتقدّم ، وهو أسدّ ممّا احتمله بعض مشايخنا العظام من تعريف غير المحصور بما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي الحاصل فيها.
قال : « ألا ترى أنّه لو نهى المولى عبده عن المعاملة مع زيد فعامل العبد مع واحد من