والقدح في ذلك تارة بمنع الصغرى ، واخرى بمنع الكبرى.
أمّا الأوّل : فمنع توجّه الأمر إلى الصلاة إلى القبلة الواقعيّة وتوجّه الأمر بالقضاء إلى الفائتة الواقعيّة بل إنّما يتوجّه إلى القبلة المعلومة أو الفائتة المعلومة بالتفصيل ، وإذا انتفى العلم التفصيلي كما في المقام كفى في امتثاله صلاة واحدة على وجه التخيير بين الجهات ، أو الثنائيّة والثلاثيّة والرباعيّة.
ويدفعه : أنّ مبنى المنع إن كان على أخذ العلم التفصيلي في مسمّى القبلة والفائتة وغيرها ممّا هو من أفراد موضوع المسألة ، ففيه : منع واضح تقدّم بيانه في الشبهة المحصورة ، وإن كان على توهّم انصرافها في حيّز الخطاب إلى المعلومات بالتفصيل وإن كانت بحسب الوضع للمعاني النفس الأمريّة ، ففيه : أيضا ما تقدّم ثمّة من المنع ، وإن كان على دعوى عدم اشتراط الاستقبال مثلا حال الاشتباه.
ومرجعه إلى كون الاستقبال ونحوه شرطا علميّا ، ففيه : أنّه خلاف الأصل في باب الشروط وإلاّ فقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ إلى القبلة (١) » و « لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة ، الوقت والطهور ، والقبلة » (٢) وقوله : « صلّ إلى القبلة » (٣) وما أشبه ذلك ظاهر في كونه شرطا واقعيّا ، والأصل عدم تقييده بالعلم.
ولا ينافيه الحكم بصحّة صلاة من اجتهد فيها وأخطأ فصلّى إلى ما بين المشرق أو المغرب والقبلة ثمّ انكشف خطأه في الاجتهاد ، لأنّه بدليّة جعلها الشارع بين الصلاة إلى القبلة الواقعيّة والصلاة إلى ما بين القبلة والمشرق أو المغرب ، والثاني بدل اضطراري عن الأوّل مختصّ بدليّته بمن اجتهد فيها فأخطأ فصلّى إلى ما بينهما ولا يتعدّاها إلى غيره ، ولذا لا تصحّ صلاة الجاهل بها إذا صلّى إلى ما بينهما من دون اجتهاد وصلاة من اجتهد فيها فأخطأ وصلّى مستدبرا ، وكذا من صلّى بعد الاجتهاد إلى المشرق أو المغرب إذا انكشف خطأه في الوقت لا مطلقا.
وأمّا الثاني : فبأن يقال : إنّ توجّه الأمر إلى الصلاة إلى القبلة الواقعيّة وإلى قضاء الفائتة الواقعيّة المعلومتين بالاجمال وإن كان مسلّما ، ولكن قصارى ما يقتضيه إنّما هو حرمة المخالفة القطعيّة لا وجوب الموافقة القطعيّة ، فلا يجوز ترك الجميع لا أنّه يجب الاتيان بالجميع.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٢٧ الباب ٩ من أبواب القبلة ح ٢.
(٢) الوسائل ٣ : ٢٢٧ الباب ٩ من أبواب القبلة ح ١.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٣٨ الباب ١٣ من أبواب مكان المصلي ح ٣.