مقارنة الإتيان به للعزم عليه ، لوضوح أنّ القصد إلى فعل ما يحتمل عدم كونه هو المأمور به لا يحقّق العزم على الإتيان بالمأمور به. والنيّة المعتبرة في العبادة يعتبر فيها مقارنة العمل للعزم عليه ، ومعناه الجزم بإيقاع الفعل بالعنوان الّذي اخذ في الأمر ، ومرجع انتفاء العزم بهذا المعنى إلى انتفاء داعي القربة وامتثال الأمر ، ضرورة امتناع تحقّق قصد امتثال الأمر فيما يشكّ كونه مأمورا به مع القطع بالأمر.
فإن قلت : لو أتى بواحد بداعي امتثال الأمر على تقدير كونه مأمورا به وجب القطع بصحّته إذا انكشف المصادفة وإن لم يقارنه العزم على الإتيان بالباقي ، كما في العبادة المأتيّ بها بعنوان الاحتياط والإتيان بما يحتمل ورود الأمر به إيجابا أو ندبا ، حيث إنّه يؤتى به بداعي امتثال الأمر على تقدير ثبوته في الواقع ، ولا إشكال لأحد في صحّته إذا انكشف ثبوت الأمر في الواقع.
قلت : تقدير كون الفعل المأتيّ به مأمورا به فيما قطع أصل الأمر مع احتمال كون المأمور به غيره ممّا يقابله لا يحقّق كونه مأمورا به ، فلا يتحقّق به الجزم المعتبر في نيّة العبادة مع الاحتمال المذكور. ولا يقاس ذلك على موارد الاحتياط ولا موارد احتمال الأمر ، إذ ليس للمأمور به بالأمر الاحتمالي تقديرين ، بأن يتردّد بين شيئين ، فالتقدير ثمّة في الأمر لا في الفعل ، وهو لا ينافي الجزم بالفعل بالعنوان الّذي اخذ في الأمر على تقدير ثبوته ، وفي ما نحن فيه في الفعل لا في الأمر لمكان القطع بثبوته ، وهو ينافي الجزم فينافي داعي القربة.
رابعها : لو كان الواجب المشتبه أمرين مترتّبين شرعا ، بأن اعتبر الشارع الإتيان بلاحقهما بعد الإتيان بسابقهما بحيث لو عكس لم يكن ممتثلا ، كالظهر والعصر المردّدين بين القصر والإتمام ، أو بين الجهات الأربع ، أو بين الثوبين المشتبيهين ، فهل يعتبر في جواز الشروع في محتملات اللاحق الفراغ اليقيني عن الأوّل بإتيان جميع محتملاته أو لا ، بل يكفي الترتيب بين كلّ واحد من محتملات اللاحق ومثله من محتملات الأوّل ، فيجوز الإتيان بالعصر قصرا بعد الإتيان بالظهر قصرا ، ثمّ الإتيان بالعصر تماما بعد الإتيان بالظهر تماما ، والإتيان بالعصر إلى جهة بعد الإتيان بالظهر إلى تلك الجهة وهكذا إلى آخر الجهات ، أو يفصّل في ذلك بين الوقت المختصّ بالظهر فلا يجوز الشروع في محتملات العصر إلاّ بعد الفراغ عن جميع محتملات الظهر ، والوقت المشترك فيكفي فيه ترتّب كلّ واحد من محتملات العصر على مثله من محتملات الظهر؟ احتمالات ، اختلف فيه الفقهاء على قولين