على حسب الاحتمالين الأوّلين.
أوّلهما : لجماعة كالموجز (١) وشرحه (٢) والمسالك (٣) والروض (٤) والمقاصد العليّة (٥).
وثانيهما : لآخرين كنهاية الإحكام (٦) والمدارك (٧) وحاشية الروضة للمحقّق الخوانساري (٨).
والأقوى في بادئ النظر هو الأوّل ، لنفس أدلّة الترتيب بينهما ، فإنّ معناه أنّه لا يسوغ الشروع في اللاحق إلاّ بعد الفراغ عن إحراز السابق المأمور به الواقعي ، وهو بمجرّد الإتيان بأحد محتملاته غير محرز ، مضافا إلى أنّه ما لم يقطع بفراغ الذمّة عن السابق لا يمكن الجزم ولا إحراز القربة عند الشروع في في اللاحق ، لعدم العلم بمشروعيّة هذا الشروع.
وفي الوجهين نظر.
أمّا الأوّل : فلأنّ الترتيب المستفاد من أدلّته هو أن يتعقّب العصر الواقعي المأمور به للظهر الواقعي المأمور به ، وهو بهذا المعنى حاصل لا محالة على تقدير تعقّب كلّ واحد من محتملات العصر لمثله من محتملات الظهر ، لأنّه لو كان المحتمل الأوّل المأتيّ به من محتملات الظهر هو الظهر الواقعي المأمور به فقد يعقّبه العصر الواقعي ، وهكذا يقال في الثاني والثالث من محتملاتهما. وحينئذ فالعصر المأتّي بها قصرا عقيب الإتيان بالظهر قصرا إن كانت هي العصر الواقعيّة المأمور بها فقد وقعت مترتّبة على الظهر الواقعي ، وإلاّ فلا يقدح تقدّمها على الظهر الواقعي. ولا ينافي الترتيب المعتبر بينهما شرعا ، لأنّه معتبر بين واجبين واقعيّين لا بين واجب واقعي وما ليس بواجب في الواقع.
ولو اريد من إحراز السابق المأمور به في عبارة الدليل العلم بفراغ الذمّة عن الظهر الواقعي ، فهو وإن كان لا يحصل بمجرّد الإتيان بأحد محتملاته ، إلاّ أنّه ليس من الترتيب المعتبر بينهما في شيء ، ولم يدلّ على اعتباره دليل آخر.
وأمّا الثاني : فلأنّ الجزم والقربة المعتبرين فيما نحن فيه ـ على ما تقدّم بيانه ـ هو أن يكون المكلّف عند الشروع في الإتيان بالمحتملات جازما للإتيان بالمأمور به الواقعي المشتبه بينها بداعي امتثال الأمر به ، وهذا متحقّق فيما لو أتى بكلّ واحد من محتملات العصر عقيب مثله من محتملات الظهر ، لأنّه في الإتيان بمجموع محتملات العصر جازم
__________________
(١) الموجز الحاوي ( الرسائل العشر ) : ٦٦. (٢) كشف الالتباس ( مخطوط ) : ١٣٤.
(٣) المسالك ١ : ١٥٨. (٤) روض الجنان : ١٩٤.
(٥) المقاصد العليّة : ١١٧.
(٦) نهاية الإحكام ١ : ٢٨٢.
(٧) المدارك ٢ : ٣٥٩.
(٨) حاشية الروضة البهيّة : ١٨٠.