للإتيان بالعصر الواقعي ، وداعيه إلى هذا الإتيان ليس إلاّ امتثال الأمر به.
وتحقيق المقام : أنّ حكم هذه المسألة لا بدّ وأن يستكشف عن دليل وجوب الإتيان بجميع محتملات الواجب عند الاشتباه بغيره ، وهو أحد الأمرين من قاعدة دفع الضرر المحتمل وقاعدة الاشتغال.
وضابطه : أنّ الإتيان بمحتملات العصر على الوجه الثاني لو كان موجبا لاحتمال الضرر زائدا على الضرر المحتمل على تقدير عدم الإتيان ببعض محتملاتها ، أو موجبا للشكّ في البراءة زائدا على الشكّ فيها على تقدير عدم الإتيان بجميع محتملاتها ، فالمتّجه هو القول الأوّل بنفس دليل وجوب الإتيان بجميع المحتملات ، وإلاّ اتّجه القول الثاني للأصل وعدم الدليل على وجوب الشروع في محتملات العصر بعد الفراغ عن جميع محتملات الظهر؟ والأظهر هو الثاني إذ لا موجب لاحتمال الضرر الزائد ولا الشكّ الزائد في البراءة إلاّ احتمال الإخلال في الترتيب المعتبر بينهما ، والمفروض على ما عرفت أنّ الإتيان بمحتملات العصر على الوجه المذكور لا ينافي الترتيب الواقعي بل يحقّقه ، فالأقوى في ثاني النظر حينئذ هو القول الثاني.
وأمّا احتمال الفرق بين وقت الاختصاص وغيره ففيه : أنّ اختصاص الوقت بالظهر لا يقتضي المنع عن الشروع ببعض محتملات العصر ما لم يحصل الفراغ عن جميع محتملات الظهر ، لأنّ معنى الاختصاص أنّه يختصّ من أوّل الوقت مقدار أداء الظهر الواقعي بشرائطها المختلف بحسب حال المكلّف بها سواء وقعت فيه أو لا ، وإذا انقضى هذا المقدار دخل الوقت المشترك. وحينئذ فإذا أتى فيما نحن فيه بأحد محتملات الظهر في أوّل الوقت فقد خرج وقت الاختصاص ودخل الوقت المشترك ، سواء كان ما وقع فيه هو الظهر الواقعي أو لا ، فلا مانع من الشروع في العصر بعده ، لوقوعه على كلّ تقدير في الوقت المشترك.
وبذلك يندفع ما يظهر من بعض مشايخنا من الميل إلى المنع من الشروع في بعض محتملات العصر بعد الإتيان بأحد محتملات الظهر في الوقت المختصّ ، حيث إنّه بعد ترجيح القول الثاني قال : « هذا كلّه مع تنجّز الأمر بالظهر والعصر دفعة واحدة في الوقت المشترك ، أمّا إذا تحقّق الأمر بالظهر فقط في الوقت المختصّ ففعل بعض محتملاته ، فيمكن أن يقال : بعدم الجواز ، نظرا إلى الشكّ في تحقّق الأمر بالعصر فكيف يقدّم على محتملاتها الّتي