ويندفع : بفساد المبنى ومنع الابتناء ، أمّا الأوّل : فلما حقّقناه من عدم اقتضاء الأمر الظاهري العقلي الإجزاء مطلقا وكذلك الظاهري الشرعي إلاّ في بعض الصور ، وليس المقام من قبيله.
وأمّا الثاني فلعدم اندراج محلّ البحث في عنوان مسألة الإجزاء لأنّ الإجزاء فرع على الامتثال ، وهو موقوف على وجود الأمر ، والأمر المفروض في المقام إمّا واقعي ، أو ظاهري شرعي ، أو ظاهري عقلي ، والكلّ منتف.
أمّا الأوّل : فلأنّ الأمر العقلي إنّما ورد بالمركّب التامّ الأجزاء ، ومفروض المقام نقصان بعض الأجزاء.
وأمّا الثاني فلأنّ الأمر الظاهري الشرعي لا بدّ وأن يستفاد من خطاب الشرع وهو غير معقول مع فرض السهو والنسيان ، فإنّ الأعذار الطارئة للإنسان على قسمين :
أحدهما : ما يمنع من الطلب التخييري ولا يمنع من أصل الخطاب ولو بنحو التعليق كالعجز والمرض ، إذ لا يقبح مخاطبة العاجز والمريض بأنّه : « إن قدرت على فعل كذا فافعله وإلاّ فلا شيء عليك » ، وإنّما يقبح توجيه الطلب إليهما منجّزا.
وثانيهما : ما يمنع أصل الخطاب فضلا عن الطلب كالغفلة والنوم والصبا والجنون ، فإنّ فهم الخطاب موقوف على الشعور ، ومخاطبة هؤلاء قبيحة عقلا لعدم الشعور لهم ، ولا ريب أنّ السهو والنسيان من هذا القبيل ، فإنّ الساهي حال السهو والناسي حال النسيان لا يلتفت إلى كونه ساهيا أو ناسيا ، فيقبح أن يخاطبه الشارع بايجاب ما عدا الجزء المنسيّ من أجزاء المركّب لينعقد به الأمر الظاهري الّذي موضوعه الساهي والناسي ، ضرورة قبح أن يقول الشارع : « أيّها الساهي والناسي أنت مأمور بغير ما سهوت أو بما عدا ما نسيت ».
فإن قلت : انعقاد الأمر الظاهري بالقياس إليه لا يقتضي خطابا ، لجواز أن يلاحظه الشارع بوصف السهو والنسيان ويجعل له بهذا الاعتبار حكما ظاهريّا أدركه العقل وهو وجوب الاتيان بالمركّب الناقص ، كما أنّه لاحظ الشاكّ في الجزئيّة أو الشرطيّة مثلا وجعل له حكما ظاهريّا أدركه العقل ، وهو وجوب الاتيان بالأكثر على القول بالاحتياط ، أو جواز الاقتصار على الأقلّ على القول بالبراءة.
قلت : جعل نحو هذا الحكم أيضا قبيح ، إذ الحكم التكليفي المجعول لموضوع لا يتوجّه إلى المكلّف إلاّ إذا اندرج في ذلك الموضوع والتفت إلى اندراجه فيه لئلاّ يلزم تكليف الغافل ، والتفات الساهي والناسي إلى سهوه ونسيانه حال الفعل محال وإلاّ لم يكن ساهيا