الاستدلال على عدم البطلان في الأجزاء الغير الركنيّة في أنّه لو لا الأدلّة القاضية به من الروايات وغيرها لا محيص من التزام البطلان ، ولذا لا يتمسّكون في هذا المقام بأنّ القدر الثابت بالإجماع مثلا من جزئيّة الجزء هو كونه جزءا في حالة العمد والذكر ، ويلزم منه عدم البطلان بفواته في حالة السهو والنسيان.
وبالجملة نراهم لا يستدلّون على عدم البطلان بنسيان الأجزاء الغير الركنيّة بفقد المقتضي للبطلان ، بل بوجود المانع من البطلان وهو الأدلّة القاضية بعدمه ، فيستفاد من طريق استدلالهم ثمّة حكومة أدلّة عدم البطلان على الأدلّة المثبتة للأجزاء ، ولو كانت مجرّد إجماع محصّلا أو منقولا.
وقضيّة الحكومة أنّه لو لا الدليل الحاكم كان المتّبع هو الدليل المحكوم عليه ، ولا نعني من أصالة البطلان بنسيان الجزء على وجه يثمر في الموارد المشتبهة الخالية عن دليل عدم البطلان إلاّ هذا.
وقد يتوهّم كون الأصل الأوّلي في نسيان الجزء عدم البطلان من جهة الاستصحاب وهو استصحاب الصحّة أعني الصحّة الثابتة للعمل قبل طروّ السهو والنسيان.
ولا خفاء في ضعفه كما أشرنا إليه غير مرّة ، إذ لا يمكن أن يراد بالصحّة المستصحبة بالقياس إلى الأجزاء السابقة على السهو إلاّ الصحّة الشأنيّة ، وهي كونها بحيث لو انضمّ إليها الأجزاء اللاحقة وارتبط بها لأثّرت في الصحّة الفعليّة ، وهذا ممّا لا حاجة له إلى الاستصحاب ، لصدق الشرطيّة وكذب الشرط أو الشكّ في صدقه وكذبه ، إذ على عموم جزئيّة الجزء لحالتي العمد والسهو كذب الشرط ، وعلى الشكّ في عمومها كان الشرط مشكوكا في صدقة وكذبه ، ومعه استحال إنتاج الاستصحاب المذكور مع عدم الحاجة إليه للصحّة الفعليّة.
هذا مع أنّ الصحّة الفعليّة إن اريد بها موافقة الأمر فلا شكّ في انتفائها ، إمّا لأنّه لا موافقة بالفرض إن اريد بالأمر الأمر بالمركّب التامّ ، أو لأنّه لا أمر على معنى عدم كونه محرزا إن اريد به الأمر بالعمل الناقص المأتيّ به ، وإن اريد بها ترتّب الأثر الّذي منه سقوط الإعادة والقضاء ، ففيه : أنّه يترتّب على الصحّة بمعنى موافقة الأمر ، وقد عرفت حالها من انتفاء الموافقة في تقدير وانتفاء الأمر في آخر.
وقد يقال : إنّ الأصل الأوّلي في مسألة نسيان الجزء ونقصانه سهوا وإن كان ما ذكر ، إلاّ أنّ هنا أصلا ثانويّا حاكما عليه مستفاد من قوله عليهالسلام : « رفع عن امّتي الخطأ والنسيان إلى