لبّيا كالإجماع ونحوه.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يكون بصورة خطاب الوضع كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب (١) » و « لا صلاة لمن لم يقم صلبه (٢) » أو يكون بصورة خطاب التكليف كقوله : « اقرأ الفاتحة في الصلاة واقرأ السورة فيها » ونحو ذلك.
أمّا القسم الأوّل : فلا ينبغي التأمّل في كون مؤدّاه الجزء الواقعي ، سواء حمل كلمة « لا » على نفي الماهيّة أو على نفي الصحّة ، فلا يتفاوت الحال فيه حينئذ بين حالتي العمد والسهو والذكر والنسيان.
وأمّا القسم الثاني : فهو وإن كان ربّما يوهم في بادئ النظر اختصاص الجزء بحالة التذكّر ، لاختصاص التكليف بالتذكّر وعدم تناوله حالتي السهو والنسيان لقبح تكليف الغافل ، ولكنّ الّذي يساعد عليه ثاني النظر هو ثبوت الجزء الواقعي بنحو هذا الخطاب أيضا.
أمّا أوّلا : فلظهور الأوامر الواردة لبيان الأجزاء والشروط في الإرشاد ، الّذي هو بيان للواقع بصورة الطلب من دون طلب.
وأمّا ثانيا : فلأنّ اختصاص الخطاب بحالة التذكّر لا يوجب اختصاص الحكم الوضعي المستفاد منه بتلك الحالة ، بل الظاهر المنساق منه كون الجزء جزءا في الواقع ، وإنّما يؤثّر اختصاص الخطاب بحالة التذكّر في رفع المؤاخذة والعقوبة على المخالفة الناشئة عن نسيان الجزء ، لا في كون المأتيّ به من العمل الناقص مأمورا به في تلك الحالة.
ألا ترى أنّ السيّد إذا أمر عبده بتركيب معجون ذي أجزاء وبيّن أجزاءه بخطابات منفصلة تكليفيّة فنسي العبد بعض هذه الأجزاء ، كان معذورا عند العقلاء لنسيانه ، لا آتيا في نظر السيّد بالمأمور به.
وأمّا القسم الثالث : فهو العمدة ممّا يتوهّم فيه الاختصاص بحالة التذكّر بتوهّم الإجمال في معقد الإجماع الموجب للأخذ بالقدر المتيقّن منه.
ويدفعه : أنّ إجمال معقد الإجماع يستكشف غالبا من كلمات المجمعين أو الناقلين للإجماع ، ونرى كلماتهم في باب الفرق بين الأجزاء الركنيّة والأجزاء الغير الركنيّة من أحكام الخلل متطابقة على تسليم أصالة البطلان بنسيان الجزء مطلقا ، لظهورها عند
__________________
(١) عوالي اللآلئ ١ : ١٩٦ ح ٢ و ٢ : ٢١٨ ح ١٣ و ٣ : ٨٢ ح ٦٥.
(٢) الوسائل ٤ : ٩٣٩ الباب ١٦ من أبواب الركوع ح ٢.