أمّا في الإعادة فلأنّ التكليف بها ليس تكليفا زائدا على أصل التكليف الوارد بالفعل قبل الإتيان به ناقصا بل هو عين التكليف الأوّل ، وحيث إنّه لمّا كان مقتضيا للامتثال والإتيان بالمأمور به وتبيّن خلل في المأتيّ به أوّلا انكشف بقاؤه على العهدة فيقتضي الإتيان بالفعل ثانيا ، وحينئذ نقول : إنّ الشكّ في جزئيّة المبحوث عنه بعد تذكّر النسيان في المأتيّ به أوّلا يوجب الشكّ في حصول المأمور به وتحقّقه في الخارج ودخوله في ظرف الوجود ، والأصل عدمه.
ومقتضاه وجوب الإتيان ثانيا وهو الإعادة ، ويعضده أصالة الاشتغال الثابت على وجه اليقين قبل الإتيان الأوّل ، ومعه لا مجرى لأصل البراءة.
وأمّا في القضاء فلأنّ التكليف بالقضاء ـ بناء على ما هو المحقّق من كونه بفرض جديد لا بالأمر الأوّل ـ وإن كان تكليفا زائدا على التكليف بالأداء ، إلاّ أنّ قضيّة الجمع بين أدلّة الأداء وأدلّة القضاء كون المأمور به في الموقّتات هو الأمر الدائر بين الفعل في الوقت والفعل في خارجه على وجه الترتّب ، بأن يكون تنجّز الأمر بالفعل في خارج الوقت معلّقا إلى عدم حصول الفعل في الوقت.
وحينئذ نقول : إنّ الشكّ في جزئيّة المبحوث عنه بعد تنبّه النسيان خارج الوقت يوجب الشكّ في حصول القسم الأوّل من المأمور به. وهو الأداء وتحقّقه في الخارج ، والأصل يقتضي عدمه ، ومقتضاه تعيّن الإتيان بالقسم الثاني وهو القضاء هذا.
ولكنّ الإنصاف : أنّ هذا الأصل الموضوعي بالقياس إلى القضاء غير منتج لتعيّن الإتيان به ، لأنّ تنجّز الأمر به بمقتضى الترتيب بينه وبين الأداء معلّق على فوات الأداء ، فلا بدّ في التزام الأمر به من إحراز صدق قضيّة الأداء وهو ممّا لا محرز له ، وبدونه يرجع الشكّ بالنسبة إليه إلى كونه في التكليف ، وأصل البراءة ينفيه من دون أن يرد عليه الأصل المذكور.
ولو اريد إحراز صدق الفوات بذلك الأصل ، رجع إلى كونه مثبتا وهو باطل ، ويؤيّده ما ورد به النصّ وأفتى به الأصحاب في مسألة الشكّ في فعل الصلاة من التفصيل بين كونه في الوقت فيأتي بها أو في خارجه فليس عليه شيء.
وحينئذ فلا بدّ في إثبات أصالة البطلان على وجه ينتج وجوب كلّ من الإعادة والقضاء من إثبات عموم جزئيّة الجزء لحالتي العمد والسهو والذكر والنسيان بمراجعة دليل ذلك الجزء ، وحينئذ فنقول : إنّ هذا الدليل لا يخلو عن أقسام ثلاثة ، لأنّه إمّا أن يكون لفظيّا أو