ما حصل فيه الزيادة بمراعاة الإعادة والقضاء ، مضافا إلى أصالة عدم تعلّق الأمر بتلك الهيئة المشكوكة ، ولا يعنى من البطلان بسبب زيادة الجزء إلاّ هذا.
ويؤيّد ما ذكرناه من عدم مشروعيّة هذه الهيئة ما ورد من النصّ في خصوص غسالات الوضوء من أنّ الفرض منها غسلة واحدة والثانية إسباغ والثالثة بدعة ، ومعنى كون الثالثة بدعة أنّ الهيئة الحاصلة بزيادة الغسلة الثالثة غير مشروعة فلا تكون مجزئة. والظاهر عدم الفرق في ذلك بين ما لونوى زيادة الجزء من حين الشروع في العبادة أو بداله زيادته في الأثناء ، إذ على الأوّل قصد الهيئة الغير المشروعة في علم الله أو المشكوك في كونها مشروعة ، وعلى الثاني انكشف كون الهيئة الحاصلة فيه في علم الله غير مشروعة أو يشكّ في كونها مشروعة وعدمه.
وعلى ما بيّنّاه ينزّل ما احتجّ به المحقّق في المعتبر (١) على بطلان الصلاة بالزيادة من أنّ الزيادة تغيير لهيئة العبادة الموظّفة فتكون مبطلة.
فما اعترضه بعض مشايخنا بأنّه : « إن اريد تغيير الهيئة المعتبرة فالصغرى ممنوعة ، لأنّ اعتبار الهيئة الحاصلة من عدم الزيادة أوّل الدعوى ، فإذا شكّ فيه فالأصل البراءة عنه ، وإن اريد أنّه تغيير للهيئة المتعارفة المعهودة للصلاة فالكبرى ممنوعة ، لمنع كون تغيير الهيئة المتعارفة مبطلا (٢) » ليس في محلّه.
فإنّ مراده قدسسره من هيئة العبادة الموظّفة هيئة العبادة المشروعة على معنى مشروعيّة الهيئة ، ومحصّله : أنّه لا إشكال في كون الهيئة الحاصلة من عدم زيادة الجزء مشروعة لأنّها القدر المعلوم ممّا شمله الأمر ، كما لا إشكال في كون زيادة الجزء موجبة لحدوث هيئة اخرى مغايرة الاولى وهي الهيئة الحاصلة بالزيادة ، وهذا هو المراد من تغيير الهيئة الموظّفة وهو المراد من الصغرى. ولا ريب أنّها لا تقبل شيئا من طرفي الترديد.
وأمّا الكبرى وهي كون الزيادة مبطلة ، فمعناها كون الهيئة الحاصلة بالزيادة باطلة إمّا لتبيّن عدم مشروعيّتها ، بنآءا على أنّ المتبادر من الأمر بالعبادة المركّبة مطلوبيّة الهيئة الحاصلة من عدم الزيادة ولو كان التبادر إطلاقيّا ، أو للشكّ في كونها مشروعة ، فيرجع إلى أصلي العدم والاشتغال ، وهما يقتضيان الحكم عليها بالبطلان.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٣٧٩.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٣٧١.