نعم لو شكّ بعد المحاسبة في أنّ هذا المال هل يكفيه في الاستطاعة أم لا؟ فالأصل عدم الوجوب حينئذ » انتهى (١).
فإنّ مقتضى الفرض كون المسألة من الشكّ في التكليف باعتبار الشكّ في الموضوع الخارجي وهو كون المال في حدّ الاستطاعة أو كون المكلّف مستطيعا ، وقضيّة القاعدة المتقدّمة المجمع عليها جواز البناء على الأصل من دون فحص كما عليه جماعة ، فما وجه التزام محاسبة المال بحيث ينهض لتخصيص القاعدة؟
ولا ريب أنّ المسألة ليست إجماعيّة ليعتذر بالإجماع ، ولو كان هناك وجه صالح لأن يعوّل عليه فهو في غاية الخفاء.
نعم يظهر من بعض الأعلام في عبارته المتقدّمة حيث ذكر حديث توقّف الوجوب في الواجبات المشروطة بوجود شيء على وجود الشرط لا العلم بوجوده ، بناء الحكم المذكور على القول بعدم دخول العلم في مداليل الألفاظ ، وكونه من فروع ما يترتّب على هذا القول من وجوب الفحص في معرفة الموضوع المعلّق عليه الحكم.
وأنت بالتأمّل فيما بيّناه تعرف ضعف ذلك ، فإنّ مقتضى القولين في المسألة المشار إليها كون التكليف المستفاد من نحو « صلّ إلى القبلة » مشروطا على أحدهما ومطلقا على الآخر ، ولذا يترتّب على الثاني وجوب الفحص لكونه مقدّميا ، وهو في الواجب المشروط حال انتفاء شرط وجوبه غير معقول ، والتكليف فيما نحن فيه مشروط على القولين ، وأثر الخلاف يظهر في الشرط هل هو الاستطاعة الواقعيّة أو العلم بها؟
غاية الأمر أنّه على الثاني مقطوع الانتفاء فيقطع انتفاء المشروط ولا حاجة معه إلى الأصل ، وعلى الأوّل مشكوك الحصول فيشكّ معه [ في وجوب ](٢) المشروط فتمسّ الحاجة إلى الأصل في نفيه ، ومعه لا مقتضي لوجوب الفحص لأنّه من آثار إطلاق التكليف ، فلا يعقل ترتّبه على ما يشكّ في إطلاقه.
ومن الأعاظم من نفى وجوب الفحص في مسألتي الاستطاعة والنصاب استنادا إلى الأصل ، واحتمل كون وجه القول بالوجوب فهم العرف قائلا : « بأنّه لمّا كان الناس صنفين فالمفهوم عرفا وجوب الفحص ، فإنّ المولى إذا أمر عبيده بأنّ من كان عنده ألف دينار فليأت بمثلها بمائة ، ومن كان عنده مائة فليأت منها بعشرة ، فيفهم عرفا وجوب
__________________
(١) القوانين ١ : ٤٦٠.
(٢) أضفناها لاستقامة العبارة.