في وجوب الإعادة والقضاء وعدم وجوبهما ، ولا بدّ أن يكون في الالتزام بأحد هذين الحكمين مجتهدا أو مقلّدا والأوّل خلاف الفرض.
ودوران الأمر بين الطريقين إنّما يتأتّى فيما لو انتفى عن الطريق الأوّل بعض شروطه الطريقيّة كما لو كان مجتهد حال العمل حيّا فمات أو أعلم فصار غير أعلم أو نحو ذلك ، فلو رجع إلى الطريق الأوّل لرجع إلى تقليد المجتهد الغير الجامع للشرائط.
وبالجملة لا بدّ أن يرجع في استعلام المطابقة المقتضية لعدم وجوب الإعادة أو القضاء للأعمال السابقة والمخالفة المستدعية لوجوبهما إلى الطريق المشروع في حقّه في تلك الحال ـ أعني حال الاستعلام ـ لأنّها ابتداء تقليد [ ه ] في مسألتي الإعادة والقضاء ، والطريق المشروع في حقّه حينئذ هو الطريق الموجود في تلك الحال ، فلا عبرة بما كان موجودا حال العمل لخروجه عن الطريقيّة. ومرجعه إلى أنّ المراد بالواقع الّذي يعتبر مطابقته ومخالفته إنّما هو الحكم الفعلي الّذي يجب عليه التديّن به حال الاستعلام ، سواء كان ذلك الحكم الفعلي هو الواقع الأوّلي في الواقع أو الواقع الثانوي ، والحكم الفعلي في حقّه الآن إنّما هو مقتضى فتوى المجتهد الموجود حال الاستعلام ، لخروج مقتضى فتوى الأوّل عن كونه حكما فعليّا في حقّه ، ولذا لا يجوز له الرجوع إليه في الوقائع والمسائل اللاحقة ، وإنّما كان حكما فعليّا في حقّه حال العمل.
نعم لو كان باقيا على شرائط التقليد الراجعة إلى المقلّد من الحياة والأعلميّة وغيرهما إلى حال الاستعلام كان فتواه حكما فعليّا في حقّه في حال الاستعلام أيضا ، والمفروض خلافه.
ثمّ إنّه ظهر بجميع ما قرّرناه في حكم الجاهل التارك للطريقين من حيث استحقاقه العقاب وعدمه وصحّة عباداته وعدمها أنّ التكليف والوضع في حقّه من حيث المعذوريّة وعدمها متطابقان. فكلّ مورد كان معذورا تكليفا ـ على معنى عدم استحقاقه المؤاخذة والعقاب ـ كان معذورا وضعا أيضا على معنى صحّة عباداته المقتضية لسقوط الإعادة والقضاء ، وكلّ مورد لم يكن معذورا تكليفا لم يكن معذورا وضعا أيضا ، إذ قد عرفت أنّ مدار المعذوريّة وعدمها في المقامين معا إنّما هو على مطابقة الواقع ومخالفته ، والعقاب إنّما يترتّب على مخالفة الواقع لا غير ، فكما أنّ مطابقة العمل للواقع تؤثّر في سقوط الإعادة والقضاء فكذا تؤثّر في رفع العقاب ، وكما أنّ مخالفته الواقع تؤثّر في ترتّب العقاب على المخالفة فكذا تؤثّر في توجّه الخطاب بالإعادة أو القضاء ، فهذا هو الأصل والقاعدة