أيضا من القواعد الغير المنوطة بملاحظة الحالة السابقة ، بل الأظهر بل المقطوع به في موارد هذه الاصول الثلاث عدم الالتفات إلى حالة سابقة أصلا ، وربّما كان مبناها على الرجحان والظهور كما في أصالة الحقيقة ولو فرض حصوله بعد الفحص وعدم العثور على المخصّص أو المقيّد أو الناسخ حيثما وجب الفحص ، وربّما كان على تقدير إرادة القاعدة مدركها في أصالة عدم النسخ هو الغلبة ، وفي أصالة عدم التخصيص وعدم التقييد هو العقل المستقلّ بإدراك قبح الخطاب بما له ظاهر وإرادة خلافه المعبّر عنه بقبح الإغراء بالجهل.
وأمّا الاستشهاد بالاستدلال المتقدّم الغير الجاري في العدميّات.
فيدفعه أوّلا : أنّه معارض باستدلالهم أيضا بما يختصّ بالعدميّات أو يعمّها والامور الوجوديّة. ومن جملة ذلك الاستدلال بأنّه لو لا العمل على الاستصحاب لزم سدّ باب الاجتهاد والاستنباط رأسا ، لمسيس الحاجة في تتميم الاستدلال بالأدلّة اللفظيّة من الكتاب والسنّة الّتي هي أغلب مباني الاستنباط ومدارك الأحكام إلى إعمال اصول عدميّة غير محصورة ، كأصالة عدم النقل ، وعدم القرينة ، وعدم الاشتراك ، وعدم الحذف والإضمار ، وعدم السقط وعدم الزيادة ، ونحو ذلك.
وثانيا : إمكان كون الوجه في الاقتصار على ما يثبت الاستصحاب في الوجوديّات هو أنّه لمّا كان الغرض الأصلي في المسألة هو التكلّم في الاستصحاب المعدود من أدلّة الأحكام الشرعيّة الفرعيّة فاكتفوا في بيان الدليل بذكر ما يثبته في الوجودي فقط لأنّه الحكم الشرعي لا العدمي ، مع أنّ الغالب في مظانّ الاقتصار في مقام الدليل على ذكر ما هو أخصّ من المدّعى تتميم عموم الدعوى بمقدّمة اخرى مطويّة في طيّ الاستدلال مركوزة في ذهن المستدلّ من الإجماع المركّب أو الأولويّة ، لأنّ الموجود المفتقر في وجوده إلى علّة موجودة إذا لم يحتج في بقائه إلى علّة فالمعدوم أولى بذلك.
وممّا أشرنا إليه يظهر الوجه في التعبير عن العنوان وتعريفهم له بما هو ظاهر في الوجودي بعد تسليم أصل الظهور ، فإنّه باعتبار أنّ الغرض الأصلي من تدوين المسألة هو التكلّم في دليليّة الاستصحاب للأحكام ، وهو لا ينافي دخول ما ليس بدليل في الاصطلاح أيضا في محلّ النزاع.
وربّما استدلّ لتعميم محلّ النزاع أيضا بأنّه لو صحّ خروج الاستصحابات العدميّة عن النزاع باتّفاق الكلّ على العمل بها ، لزم كون الخلاف في الاستصحاب الوجودي والتكلّم