في حجّيته لغوا ، لاستغناء الاستصحاب العدمي المتّفق على حجّيته عن الاستصحاب الوجودي ، إذ ما من أمر عدمي إلاّ وفي مقابله ضدّ وجودي ، فلو اريد استصحاب وجود ذلك الضدّ الوجودي يستغني عنه باستصحاب عدم الضدّ المعدوم ، مثلا لو أردنا استصحاب خيار الفسخ الثابت في آن إلى آن الشكّ في بقائه نتمسّك بأصالة عدم اللزوم ، ولو أردنا استصحاب الطهارة عند الشكّ في الحدث نتمسّك بأصالة عدم الحدث ، ولو أردنا استصحاب الكرّيّة نتمسّك بأصالة عدم القلّة ، ولو أردنا استصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره نتمسّك بأصالة عدم طهارته ، ولو أردنا استصحاب طهارة الثوب نتمسّك بأصالة عدم نجاسته ، ولو أردنا استصحاب حياة زيد نتمسّك بأصالة عدم الموت ، ولو أردنا استصحاب عدالة زيد نتمسّك بأصالة عدم الفسق وهكذا. فلا حاجة إلى التمسّك بالاستصحابات الوجوديّة فيكون التكلّم في حجّيتها لغوا ، ولا خفاء في ضعفه ، لأنّ الاستغناء عن الاستصحاب الوجودي بالأصل العدمي إنّما يصحّ على القول بالاصول المثبتة ، وهو خلاف التحقيق وخلاف مختار الأكثر المصرّح به في كلام جماعة.
وعليه فربّما يختلف الضدّ الوجودي مع الضدّ العدمي في الآثار والأحكام ، واستصحاب عدم الضدّ المعدوم يثمر في ترتّب آثار عدمه ولا يثمر في ترتّب آثار وجود الضدّ الموجود ، وذلك كما في عدالة زيد فإنّ أصالة عدم الفسق لا تثمر في ترتّب الأحكام المعلّقة على صفة العدالة من جواز الائتمام به ، وقبول شهادته ، وصحّة الطلاق الواقع بمحضره ، ونفوذ حكمه وفتواه ، وجعله قيّما على غائب أو صغير أو مجنون ، واستنابته عن الميّت في الحجّ والصوم والصلاة ، بل تثمر في ترتّب الأحكام المعلّقة على عدم الفسق كجعله وصيّا ، واستحقاقه الزكاة أو الخمس بناء على عدم اشتراط العدالة في المستحقّ ومانعيّة الفسق.
وبالجملة لابدّ في ترتيب آثار العدالة عند الشكّ في طروّ الفسق بعد البناء على حجّيّة استصحاب عدم الفسق وإعماله من أحد الأمرين : إمّا العمل بالأصل المثبت ، أو إثبات حجّيّة استصحاب العدالة ، والأوّل باطل فتعيّن الثاني. فلا يلزم من الإجماع على حجّيّة الاستصحاب في الامور العدميّة عدم الحاجة إلى التكلّم في حجّيّة الاستصحاب في الامور الوجوديّة.
نعم في نحو الطهارة والنجاسة أو الحدث يترتّب على استصحاب عدم الطهارة آثار النجاسة أو الحدث ، وعلى استصحاب عدم النجاسة وعدم الحدث آثار الطهارة ، إلاّ أنّه غير مطّرد.
اللهمّ إلاّ أن يقال ـ بناء على كون العمل بالاستصحاب من باب الظنّ ـ : لا يتفاوت الحال فيه بين كونه مثبتا وعدمه فيعمل عليه على كلّ تقدير ، لأنّ المعيار حينئذ إنّما هو