الظنّ الثابت حجّيته بالفرض ، سواء فرض حصوله بالنسبة إلى نفس المستصحب أو بالنسبة إلى لوازمه العقليّة أو العاديّة.
والمفروض أنّ الظنّ بالملزوم يستلزم الظنّ بجميع لوازمه شرعيّة أو عقليّة أو عاديّة.
ويمكن دفعه : بأنّ القدر الثابت اعتباره من الظنّ الاستصحابي إنّما هو الظنّ المستند حصوله إلى نفس الاستصحاب ، لا الظنّ المستند إلى الظنّ بالمستصحب فتأمّل.
ومنها : أنّ المستصحب قد يكون حكما شرعيّا ، وقد يكون أمرا خارجيّا كالكرّيّة والرطوبة والحياة. والأوّل قد يكون حكما كلّيا من شأنه أن يؤخذ من الشارع ، كطهارة المتطهّر بعد خروج المذي المشكوك في ناقضيّته ، وطهارة البئر المشكوك في انفعالها بوقوع النجاسة ، ونجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره. وقد يكون حكما جزئيّا في موضوع خارجي كطهارة هذا الثوب أو نجاسته. والظاهر وقوع الخلاف في جميع هذه الأقسام بالحجّيّة مطلقا وعدمها كذلك والتفصيل ، وستسمع بعض ما يتعلّق بهذا المقام في الوجه الأوّل من الجهة الثالثة. والغرض الأصلي هاهنا بيان شيء آخر وهو أن التفصيل المشار إليه على أنحاء ثلاث :
أحدها : الحجّية في الحكم الشرعي كلّيا أم جزئيّا دون الأمر الخارجي وهو الّذي يظهر نقله من المحقّق الخوانساري ، حيث إنّه في مبحث الاستنجاء بالأحجار من شرح الدروس قال : « وينقسم الاستصحاب إلى قسمين باعتبار الحكم المأخوذ فيه إلى شرعي وغيره (١) » ومثّل للأوّل بنجاسة الثوب والبدن وللثاني برطوبته ، فإنّ المثال وإن كان من قبيل الحكم الجزئي غير أنّ مقابلة الحكم الشرعي لغيره قرينة توجب ظهور إرادة ما يعمّ الكلّي والجزئي من الحكم الشرعي.
وثانيها : الحجّية في الحكم الشرعي الجزئي دون غيره من الحكم الكلّي والأمر الخارجي ، وهو أيضا محتمل عبارة المحقّق المذكور بناء على الأخذ بظاهر المثال. قيل : وربّما يستظهر ممّا حكاه السيّد شارح الوافية عن المحقّق الخوانساري في حاشية له على قول الشهيد رحمهالله في تحريم استعمال الماء النجس والمشتبه (٢).
وثالثها : الحجّية فيما عدا الحكم الشرعي الكلّي وإن كان أمرا خارجيّا ، وهو المحكيّ عن الأخباريّين. قيل : والأصل فيه عندهم أنّ الشبهة في الحكم الكلّي لا مرجع فيها عندهم
__________________
(١) مشارق الشموس : ٧٦.
(٢) شرح الوافية ( مخطوط ) : ٣٣٩ ، راجع مشارق الشموس : ٢٨١ ـ ٢٨١.