وينبغي النظر في متن الحديث وفقهه ليتّضح وجه الاستدلال وموضعه.
فنقول : إنّ قوله : « ينام » يحتمل وجوها :
أحدها : أن يراد بالنوم فيه هيئة النائم من الاضطجاع أو الاستلقاء والالتحاف ونحوه.
وثانيها : كونه من باب المجاز بالمشارفة الّذي مبناه على ملاحظة المناسبة بين زماني التلبّس بالفعل وما قبله باعتبار قربه منه ، فيسند الفعل الّذي من حقّه أن يسند إلى الأوّل إلى الثاني.
والفرق بين هذا الاعتبار وسابقه أنّه مجاز في « ينام » باعتبار الهيئة ، وسابقه مجاز فيه باعتبار المادّة.
وثالثها : كونه حقيقة هيئة ومادّة بإرادة النوم الحقيقي ، بناء على كون الخفقة والخفقتان من أفراد النوم الحقيقي ، وأنّ المراد بالنوم هاهنا ما يشملهما.
وقوله : « أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ » أيضا يحتمل وجوها :
الأوّل : كونه سؤالا عن ناقضيّة الخفقة والخفقتين باعتبار الشكّ في كونهما من النوم وعدمه ، ومنشؤه الجهل بحقيقة النوم ودورانه في نظر السائل بين كونه عبارة عن زوال الحسّ عن العين والاذن والقلب فقط ، أو أعمّ منه ومن زوال الحسّ عن العين فقط.
والثاني : في كونه سؤالا عن ناقضيّتهما مع العلم بكونهما من أفراد النوم ، ومنشؤه الشكّ في كون كلّ نوم ناقضا حتّى ما يكون خفقة ـ وهو أوّل مراتبه وفرده الخفيّ ـ وعدمه ، بل الناقض منه فرده الكامل ، نظير الشكّ في كون كلّ بول ناقضا حتّى الخارج من المخرج الغير الطبيعي وعدمه.
والثالث : كونه سؤال عن ناقضيّتهما مع العلم بعدم كونهما من أفراد النوم ، نظير الشكّ في ناقضيّة المذي مع العلم بعدم كونه من البول.
والرابع : كونه سؤالا عن ناقضيّتهما أيضا باعتبار الشكّ في كونهما من النوم وعدمه ، مع الشكّ في ناقضيّة كلّ نوم على تقدير كونهما من النوم.
والخامس : كونه سؤالا عن وجوب الوضوء عند الشكّ في تحقّق النوم الناقض وعدمه من دون قصد إلى السؤال عن ناقضيّة الخفقة والخفقتين ، وإنّما عبّر عنه بقوله : « أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ » لغلبة تحقّقهما مع النوم وسبقهما عليه ، فالمقصود بالسؤال أنّ الرجل يعرضه الخفقة والخفقتان بحيث يشكّ في تحقّق النوم معهما وحصوله في ضمنهما ، فهل يجب عليه الوضوء حينئذ أم لا؟