مع وهم تحقّقه أو ظنّه أو الشكّ فيه.
ومحصّله : أنّ المدار في النقض على اليقين بالنوم لا على الشكّ والظنّ ، ومرجعه إلى أنّ الوضوء باق على حاله إلى أن يحصل اليقين بتحقّق النوم ، وهذا هو معنى الاستصحاب ، ثمّ شرحه عليهالسلام واستدلّ عليه بقوله : « وإلاّ فهو على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ، وإنّما ينقضه بيقين آخر (١) ».
وممّا بيّنّاه ظهر أنّ مورد الرواية من قبيل الاستصحاب من جهة الشكّ في وجود المانع كما فهمه المحقّق السبزواري (٢) وأخذها دليلا على حجّيّة هذا النوع من الاستصحاب ، لا ما كان الشكّ فيه من جهة مانعيّة الموجود.
فما توهّم من دلالتها باعتبار وقوع السؤال الأوّل عن ناقضيّة الخفقة والخفقتين على هذا النوع أيضا فأخذه ردّا على السبزواري في انكاره له ، غفلة واضحة لا ينبغي الالتفات إليها ، فإنّ الفقرة الاولى من الرواية سؤال عن ناقضيّة الخفقة وورد على طبقه الجواب بعدم الناقضيّة إمّا لعدم كونها نوما أو لعدم كون كلّ نوم ناقضا ، وهذا ممّا لا تعلّق له بالاستصحاب ، كما أنّه لو سئل عن ناقضيّة المذي فأجاب بعدم كونه ناقضا لم يكن من الاستصحاب.
وإذا عرفت ذلك فاعلم : أنّ العمدة من موضع الدلالة من الرواية هو قوله : « وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه » إلى آخره ، فيجب صرف النظر إلى أنّه هل يدلّ على حجّيّة الاستصحاب عموما أو في الجملة.
فنقول : إنّ كلمة « إلاّ » لفظ مركّب عن الشرط والنفي ، والفعل المنفيّ بذلك النفي محذوف ، كما أنّ جواب الشرط أيضا محذوف ، فيكون التقدير : « وإن لا يستيقن أنّه قد نام فليس عليه وضوء » والفاء في قوله : « فإنّه على يقين من وضوئه » جزائيّة ومدخولها علّة للجواب المحذوف اقيمت مقامه ، فادخلت فيها « الفاء » الّتي من شأنها أن تدخل في الجواب ، فتكون مدخول الفاء علّة منصوصة ، ومن حكمها بضابطة حجّيّة العلّة المنصوصة أنّها تفيد عموم الحكم للمورد ولغيره ، باعتبار كون الخصوصيّات والإضافات المأخوذة في جانب العلّة في متفاهم العرف ملغاة ، بهذا الاعتبار كان قوله عليهالسلام : « ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ » عامّا لليقين والشكّ في الوضوء وغيره من الأحكام الشرعيّة والامور الخارجيّة وجوديّة أو عدميّة ، ويكون معناه : لا ينقض شيء من أفراد اليقين بشيء من أفراد الشكّ.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ح ١.
(٢) الذخيرة : ١١٥ ـ ١١٦.