وبما قرّرناه من قضيّة العلّة المنصوصة سقط احتمال إرادة العهد من « اللام » بقرينة سبق ذكر اليقين من الوضوء.
وأمّا ما توهّم من أنّ « لا ينقض اليقين » إلى آخره ، من باب النفي الوارد على العموم ، فيكون مفاده سلب العموم لا عموم السلب.
ففيه : أنّه من باب استفادة العموم من النفي لا من باب ورود النفي على العموم ، فإنّ « اللام » في « اليقين » و « الشكّ » لتعريف الجنس ، والمنفيّ إنّما هو نقض ماهيّة اليقين بماهيّة الشكّ ، والماهيّة لا تنفكّ عن شيء من أفرادها ، فيسري بواسطتها النفي إلى الجميع ، ضرورة أنّ عدم نقض ماهيّة اليقين بماهيّة الشكّ يستلزم عدم نقض شيء من أفراد اليقين بشيء من أفراد الشكّ.
ولئن سلّمنا كون « اللام » فيهما للاستغراق لا نسلّم كون مفاد النفي الوارد عليها سلب العموم ـ إن صحّحنا أصل هذه القاعدة في النفي الوارد على العموم ـ لأنّها إنّما نسلّم فيما لو كان العموم مستفادا من نحو لفظ « الكلّ » و « الجميع » لا من نحو المفرد المحلّى باللام الاستغراقي.
والسرّ فيه : أنّ كلمة « كلّ » قيد زائد في الكلام والنفي راجع إليه ، فتكون في حيّز النفي مسلوب العموم ، بخلاف « اللام » الاستغراقي فإنّها للإشارة إلى تعريف الماهيّة من حيث وجودها في ضمن جميع أفرادها ، ولذا عدّ المعرّف بلام الاستغراق كالمعرّف بلام العهد الذهني من أقسام المعرّف بلام الجنس. وأداة النفي تدخل على ما يدّل على الماهيّة أوّلا وبالذات الملحوظة ثانيا من حيث الوجود ، فيكون مفاد قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين » إلى آخره ، عدم نقض ماهيّة اليقين الموجودة في ضمن جميع أفراده بماهيّة الشكّ الموجودة في ضمن جميع أفراده ، وهذا اليقين بالآخرة يرجع إلى عدم نقض شيء من أفراد ماهيّة اليقين بشيء من أفراد ماهيّة الشكّ.
ولو سلّم كون « اللام » الاستغراقي ولفظة « كلّ » بمعنى واحد ، يتطرّق المنع إلى أصل القاعدة حسبما قرّره أهل العربيّة ، وبذلك فرّقوا بين قولنا : « لم يقم كلّ إنسان » بجعله لسلب العموم ، وقولنا « كلّ إنسان لم يقم » بجعله لعموم السلب ، فإنّهما لا يتبعان ورود النفي على العامّ وورود العامّ على النفي ، بل إنّما يتبعان الملاحظة ويختلفان باعتبار المعتبر ، فإن لوحظ إسناد الحكم الإيجابي إلى جميع الأفراد كإسناد القيام إلى كلّ إنسان ثمّ أورد عليه أداة