الصغرى ، فيكون التقدير : كلّ من كان على يقين من وضوئه لا ينقض اليقين بالشكّ.
الثاني : أنّ اعتبار الكلّية في الكبرى لا يقضي باعتبار العموم في اليقين والشكّ بالنسبة إلى الوضوء وغيره ، لأنّ هذه الكلّية معتبرة في موضوع الكبرى والمفروض حصولها ، واليقين والشكّ واقعان في جانب المحمول.
وبالجملة الكليّة المعتبرة في كبرى الشكل الأوّل عبارة عن ثبوت الأكبر لجميع أفراد الأوسط ليتعدّى منه إلى الأصغر ، وهذا يتمّ بحمل « لا ينقض اليقين بالشكّ » على كلّ من كان على يقين من وضوئه من دون مراعاة العموم في اليقين والشكّ بالنسبة إلى غير الوضوء.
إلاّ أن يتشبّث لإثبات هذا العموم أيضا إلى مقدّمة اخرى ، وهي كون اليقين والشكّ جنسين معرّفين فيؤولان إلى العموم ، فيكون المعنى : « كلّ من كان على يقين من وضوئه لا ينقض كلّ يقين بكلّ شكّ » على وجه يكون محصّل المعنى : لا ينقض شيئا من اليقين بشيء من الشكّ على طريقة السلب الكلّي لا رفع الإيجاب الكلّي.
وفيه : أنّه يوجب عدم كون المحمول مربوطا بالموضوع ، فإنّ أخذ العموم بالنسبة إلى غير الوضوء كنجاسة الثوب مثلا ينحلّ إلى أن يقال : من كان على يقين من وضوئه لا ينقض اليقين بنجاسة ثوبه بالشكّ فيه. وهذا كما ترى كلام جنوني لا يليق بكلام الإمام عليهالسلام فلا بدّ من أخذ عموم اليقين والشكّ بالنسبة إلى أفراد الوضوء ، فيكون المعنى : كلّ من كان على يقين من وضوئه لا ينقض كلّ يقين وضوئي بالشكّ فيه ، وليس هذا من تخصيص العامّ بالمورد ليدفعه كون الاعتبار بعموم اللفظ لا خصوص المورد ، بل من باب تحصيل العموم بقدر قابليّة المورد ، فالرواية حينئذ لا تنهض لإثبات حجّيّة الاستصحاب في غير الوضوء أيضا كما هو المطلوب.
لا يقال : إنّ هذين الإشكالين يتوجّهان أيضا على تقدير تتميم الاستدلال بقاعدة العلّة المنصوصة ، إذ العموم المنساق في متفاهم العرف من التنصيص بالعلّة ينحلّ إلى كبرى كلّيّة ينتظم بها قياس بطريق الشكل الأوّل صغراه العلّة المنصوصة ، ففي قول الطبيب : « لا تأكل الرمّان لأنّه حامض » ينساق منه أنّ كلّ حامض مضرّ ، وفي قول الشارع : « لا تشرب الخمر لأنّه مسكر » ينساق [ منه ] أنّ كلّ مسكر حرام ، فينتظم في الأوّل : « أنّ الرمّان حامض ، وكلّ حامض مضرّ ، فالرمّان مضرّ » وفي الثاني : « أنّ الخمر مسكر ، وكلّ مسكر حرام ، فالخمر حرام » ، ففي الرواية لا بدّ وأن يكون الكبرى اللازمة من التنصيص بالعلّة هو ما نطق به عليهالسلام