بقوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » لأنّ العموم المنساق من العلّة المنصوصة ـ على ما تقدّم بيانه ـ مطلوب فيه لا غير ، فيرد عليه حينئذ أوّلا : عدم صلاحية ذلك لوقوعه كبرى إلاّ بتأويله إلى كونه خبرا لمبتدأ محذوف.
وثانيا : لزوم عدم ارتباط المحمول بالموضوع لو اعتبر عموم اليقين والشكّ بالقياس إلى غير الوضوء ، فلا بدّ من الاقتصار في اعتبار العموم على أفراد الوضوء فقط ، ومعه لا تنهض الرواية لإثبات تمام المدّعى.
لأنّا نقول : إنّ العلّة لعدم وجوب التوضّؤ على من تيقّن الوضوء وشكّ في الحدث إنّما هو عدم جواز نقض اليقين بالوضوء حدوثا والشكّ فيه بقاء ، وهذه العلّة بعد إلغاء الخصوصيّة ـ وهي إضافة اليقين والشكّ إلى الوضوء ثمّ إلى الرجل ـ علّة عامّة تجري في الوضوء وغيره ، والموجب للإلغاء إنّما هو الفهم العرفي ، باعتبار أنّ المنساق عرفا من التعليل عدم مدخليّة الخصوصيّات والإضافات في علّية العلّة ، فقوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » بصيغة المجهول هو العلّة التامّة في الحقيقة ، وقوله : « إنّه على يقين من وضوئه » بيان لتحقّق موضوع هذه العلّة ، وهو اليقين والشكّ في خصوص مورد السؤال ، فكأنّ تقدير الرواية في محصّل المعنى : « أنّه إن لا يستيقن أنّه قد نام فليس عليه وضوء لأنّه لا ينقض اليقين بالشكّ ، والمفروض أنّه على يقين من وضوئه وشاكّ في الحدث ». وهذا نظير ما لو قال الشارع : « من لم يعلم وجوب غسل الجمعة لا شيء عليه لأنّه على شكّ في التكليف ، ولا تكليف إلاّ بعد البيان » ومرجع نحو هذه التعليلات إلى تأسيس قاعدة شرعيّة تعبّديّة كلّية مطّردة ، ولا يعتبر فيها الانحلال إلى قياس مؤلّف من صغرى وكبرى. فليتأمّل.
وقد يحتمل في الرواية كون « إلاّ » في قوله : « وإلاّ فإنّه على يقين » شرطا وجوابه قوله : « ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ » بصيغة المعلوم ، وكأنّ قوله : « إنّه على يقين من وضوئه » توطئة وتمهيدا لإحراز موضوع هذا الجواب ، متخلّلا بينه وبين الشرط قصدا إلى المبالغة والتأكيد. ونحو هذا التركيب كثير الوقوع في الكلام وشائع في المحاورات ، كما في قولك ـ لمن يطلب حجرة في المدرسة مثلا وله دار ـ : « إن لم توجد في المدرسة حجرة فلك دار واسكن في دارك » ، حيث إنّ قولك : « اسكن في دارك » جواب للشرط ، « ولك دار » توطئة لذكر هذا الجواب إحرازا لموضوعه. وإذا حمل « لام » اليقين على الجنس قضيّة لأصالة الحقيقة ليكون المعنى عدم جواز نقض طبيعة اليقين بالشكّ تمّ الاستدلال بالرواية على