بخلاف الوجود فإنّه يفتقر إلى علّة في ابتدائه واستمراره معا ، فإذا علم وجود شيء في زمان للعلم بوجود علّة وجوده لم يلزم منه بملاحظته العلم ولا الظنّ بوجوده في الزمان الثاني ، إلاّ على تقدير العلم أو الظنّ ببقاء علّة وجوده أو وجود علّة بقائه.
ومن هنا ظهر الوجه في عدم اقتضاء الاستصحاب ترتّب الأمر العدمي على المستصحب الوجودي على هذا القول ، فإنّه إذا لم يفد ظنّ البقاء في الملزوم الّذي هو المستصحب الوجودي لزمه عدم ظنّ البقاء في لوازمه وجوديّة أو عدميّة ، فإذا لم يحصل الظنّ باستصحاب حياة زيد ببقاء حياته لم يحصل الظنّ بعدم جواز تزويج امرأته بغيره ، وهذا هو معنى عدم اعتبار الاستصحاب بالنسبة إلى المستصحب الوجودي ولو لترتيب أمر عدمي عليه.
ويرد على هذا القول ـ بناء على استناده إلى الدليل المذكور ـ ما أشرنا إليه من الإشكال عند تحرير محلّ النزاع على مدّعي خروج العدميّات عن محلّ النزاع من أنّه ما من استصحاب عدمي إلاّ وفي مورده أمر وجودي وإن كان لكونه ضدّا وجوديّا للمستصحب العدمي ، فيلزم من الظنّ ببقاء عدم المستصحب العدمي الظنّ ببقاء وجود ذلك الأمر الوجودي ، مثلا يلزم من الظنّ بعدم موت الغائب الظنّ بحياته ، وقضيّة ذلك أن يظنّ عدم جواز تزويج امرأته وانتقال مال مورّثه إليه ، وهذا يغني عن التكلّم في اعتباره في الوجوديّات ، والتكلّم في أنّ الأمر الوجودي هل يثبت بالاستصحاب؟ ولو من جهة ترتّبه على المستصحب العدمي.
وتوهّم دفعه : بأنّ اعتبار الاستصحاب في العدميّات عند هذا القائل لعلّه ليس لأجل الظنّ بالأعدام لينشأ منه الظنّ بالوجودات ، بل لبناء العقلاء في امور معاشهم على الاعتماد على الحالة السابقة والأخذ بها بمقتضى جبلّتهم.
يندفع : بما قيل من أنّ عمل العقلاء في معاشهم على ما لا يفيد الظنّ بمقاصدهم والمضيّ في امورهم بمجرّد الشكّ والتردّد في غاية البعد ، بل لا وجه له بعد ملاحظة عدم جواز الترجيح بلا مرجّح ، ولذا تقدّم التمسّك ببناء العقلاء لا ثبات الاستصحاب مطلقا من حيث الظنّ بتقريب : أنّ بناءهم على الأخذ بمقتضى الحالة السابقة والحكم ببقائها في الزمان الثاني لابدّ وأن يكون عن مرجّح وليس إلاّ الظنّ.
وأضعف من هذا التوهّم توهّم دفعة أيضا : بأنّ المعتبر عند العقلاء من الظنّ