الاستصحابي هو الحاصل ببقاء الشيء من تحقّقه السابق ، لا الظنّ الناشئ من هذا الظنّ بالقياس إلى ما عدا المستصحب العدمي من لوازمه وجوديّة أو عدميّة ، ويكفي في ضعفه ملاحظة أنّ ظاهر كلام القائلين بالاستصحاب من حيث الظنّ وصريح بعضهم بناء حجّيّة الظنّ الاستصحابي على كونه ظنّا والظنّ بقول مطلق حجّة ، ولذا جعل العضدي الخلاف في صحّة الاستدلال بالاستصحاب وعدمه في أمر صغروي ، وهو أنّه يفيد ظنّ البقاء أو لا يفيده؟ وهذا لا يستقيم إلاّ بعد الفراغ عن اثبات كون مناط دليليّة الدليل وصحّة الاستدلال به الظنّ بالحكم ، وقضيّة ذلك أن لا يفرّق بين أفراده ولا موارده ولا أسبابه ، وأمّا دفع الإشكال أيضا بالبناء على بطلان الاصول المثبتة ، فلا يلزم من ثبوت العدم بالاستصحاب ثبوت ما قارنه من الامور الوجوديّة اللازمة له عقلا أو عرفا.
فيمكن دفعه : بأنّ بطلان الاصول المثبتة إنّما هو على طريقة من يرى الاستصحاب من باب التعبّد من جهة الأخبار كما هو المختار لما سنوجّهه في محلّه مفصّلا.
وملخّصه : عدم قضاء الأخبار إلاّ على وجوب ترتيب الآثار المترتّبة على المستصحب شرعا عليه المعبّر عنها باللوازم الشرعية ، ومعناه : أن يترتّب عليه في زمان الشكّ كلّ ما كان من الآثار مترتّبا عليه شرعا في زمان اليقين ، وأمّا على طريقة من يراه من باب الظنّ فالظاهر عدم الفرق في اللوازم الواجب ترتيبها على المستصحب بين اللوازم الشرعيّة والعقليّة والعاديّة ، لأنّ مناطه الظنّ المتساوي نسبته إلى الجميع ، مع ملاحظة قضاء البداهة بأنّ الظنّ بالشيء يقتضي الظنّ بجميع لوازمه شرعيّة وعقليّة وعاديّة.
والانصاف : أنّ الإشكال المذكور ممّا لا مدفع له ، والالتزام بذلك أولى من القصد إلى دفعه بمنع الاطّراد ـ لو اريد اطّراد لزوم الأمر الوجودي للمستصحب العدمي ـ بأن يقال : انّه ربّ استصحاب عدمّي ليس في مورده ضدّ وجوديّ يترتّب وجوده على عدم المستصحب العدمي الثابت بقاؤه بالاستصحاب ، ومن ذلك استصحاب عدم الوجوب أو الحرمة الثابت قبل وجود المكلّف أو قبل بلوغه مع عدم ترتّب وجود شيء من الأحكام الباقية على وجه يكون الحكم المجعول للواقعة بعد نفي الوجوب أو الحرمة بالاستصحاب هو ذلك الحكم من اباحة ونحوها ، إلاّ إذا قام دليل من الخارج عليه.
ومنه أيضا أصالة عدم التذكية ، وأصالة عدم القرينة ، واستصحاب عدم العدالة بمعنى الملكة الراسخة الّتي تبعث على ملازمة التقوى ، واستصحاب عدم الفسق بمعنى ارتكاب