ومرجعه إلى الفرق في استصحاب الحكم الشرعي بين الحكم الجزئي والحكم الكلّي ، وبعبارة اخرى : بين الشبهة الموضوعيّة والشبهة الحكميّة.
وهذا الوجه على عكس ما ستعرفه من تفصيل الأخباريّين وهو في وضوح من الفساد ، لقضائه بأن لا يبقى للاستصحاب مورد إلاّ قليلا ، ضرورة أنّ أغلب الموارد الاستصحابيّة الأحكام الجزئيّة الّتي طرأها الشكّ باعتبار اشتباه حال الموضوع الصرف بقاءا أو ارتفاعا ، مع أنّه يؤدّى في أكثر الأخبار المتقدّمة إلى محذور تخصيص العامّ بالمورد ، لكون النوم في حديث الخفقة والخفقتان من الامور الخارجيّة ، وكذلك إصابة الدم في حديث دم الرعاف للثوب ، وملاقاة الذمّي للثوب بالرطوبة أو تنجيسه إيّاه بالخمر ، ونحوه في حديث إعارة الثوب للذمّي ، والظاهر أنّ هذا ليس بمراد القائل وإنّما ذكرناه إحتمالا ، وإن كان الوجه الأوّل أيضا قريبا منه في الفساد.
أمّا أوّلا : فلأنّ عدم كون بيان الموضوع من وظيفة المعصوم معناه أنّه لا يجب عليه بيانه بحيث يلزم من ترك بيانه قبح عليه ، لا أنّه لا يجوز له بيانه بحيث يلزم من بيانه قبح عليه ، فإذا صدر منه لفظ عامّ للموضوعات والأحكام ـ كما فيما نحن فيه ، لكون قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ » (١) بمعنى عدم نقض شيء من أفراد اليقين بشيء من أفراد الشكّ عامّا ـ فقضيّة عدم كون بيان الموضوعات من وظيفته بالمعنى المذكور لا تصرفه عن الموضوعات ولا تخصّصه بالأحكام.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ليس بيانه من الموضوعات وظيفة المعصوم إنّما هو الموضوعات الّتي لا مدخليّة لها في الأحكام الشرعيّة ولا يترتّب عليها شيء من الأحكام ، أو لا يبتلى بها المكلّف الناظر في الاستصحاب ، بخلاف الموضوعات الّتي يترتّب عليها الأحكام ويبتلى بها المكلّف على وجه يتوقّف معرفة الأحكام المترتّبة عليها على معرفتها ، ولذا ترى أنّ المعصوم في صحيحة زرارة بيّن حقيقة النوم بقوله : « قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن » (٢) إلى آخره مع أنّه من الموضوع ، لكونه ممّا يترتّب عليه وجوب الوضوء ، والمفروض كون اشتباه السائل في وجوب الوضوء ومنشأ سؤاله اشتباه حقيقة النوم عليه ، فإنّ بيان نحو هذا الموضوع قد يجب على المعصوم بحيث يلزم من تركه قبح عليه ، وليس
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٢١ الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح ٣.
(٢) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.