المتأخّرين وشاع بينهم ثمّ متأخّريهم ولم يكن معهودا بين قدماء أصحابنا ، فكيف بالعامّة الذين منهم الغزالي.
وكيف كان فبعد ما ظهر أنّ سند الغزالي في إطلاق انكاره الاستصحاب هو منع الأصل الّذي عوّل عليه مثبتوه ، يظهر أنّه لا يخالفنا من هذه الجهة لفساد هذه الطريقة عندنا أيضا ، حتّى أنّه لو فرض انحصار مدركه في هذا الأصل الفاسد كان المتّجه عدم حجّيته مطلقا ، فلا رادّ له من هذه الجهة.
نعم ينبغي النظر في صحّة التفصيل وسقمه بعد فرضه قولا في المسألة من أيّ قائل يكون ، سواء كان هو الغزالي أو غيره.
فنقول : إنّه قد يوجّه بما لو تمّ لا نتهض وجها لصحّته ، وهو أنّ الموضوع في النصّ مبيّن يمكن العلم بتحقّقه وعدم تحققّه في الآن اللاحق ، كما إذا قال : « الماء إذا تغيّر نجس » فإنّ الماء موضوع والتغيّر قيد للنجاسة ، فإذا زال التغيّر أمكن استصحاب النجاسة للماء ، وإذا قال : « الماء المتغيّر نجس » فظاهره ثبوت النجاسة للماء المتلبّس بالتغيّر ، فإذا زال التغيّر لم يمكن الاستصحاب ، لأنّ الموضوع هو المتلبّس بوصف التغيّر وهو غير موجود ، كما إذا قال : « الكلب نجس » فإنّه لا يمكن استصحاب النجاسة بعد استحالته ملحا ، فإذا فرضنا انعقاد الإجماع على نجاسة الماء المتّصف بالتغيّر فالإجماع أمر لبّي ليس فيه تعرّض لبيان كون الماء موضوعا والتغيّر قيدا للنجاسة ، أو أنّ الموضوع هو المتلبّس بوصف التغيّر ، وكذلك إذا انعقد الإجماع على جواز تقليد المجتهد في حال حياته ثمّ مات فإنّه لا يتعيّن الموضوع حتّى يحرز عند إرادة الاستصحاب.
ويزيّفه : أنّ الموضوع في حال النصّ كثيرا مّا لا يكون مبيّنا لعدم تعرّض في الخطاب لبيانه ، كما لو استفيد وجوب رجوع الجاهل في المسائل الفرعيّة الاجتهاديّة إلى العالم من مثل آيتي النفر والسؤال وغيرهما من الأخبار ، الغير المتكفّلة لبيان أنّ موضوع الحكم بالنسبة إلى المسؤول هل هو العالم الحيّ بوصف الحياة أو العالم لا بهذا الوصف؟
وفي حال الإجماع كثيرا مّا يكون مبيّنا كما لو انعقد الإجماع على نجاسة العصير وحرمته بالغليان إلى أن يذهب ثلثاه ، ثمّ ذهبا بغير النار ممّا يشكّ في كفايته في حصول الطهارة والحلّية باعتبار شبهة شرطيّة النار ، ففي الأوّل لا يعلم تحقّق موضوع الحكم في الآن اللاحق فلا يمكن استصحابه ، وفي الثاني يعلم تحقّقه فيمكن استصحابه ، على أنّ