باعتبار المانع ، ولا نعني من الشكّ باعتبار المقتضي إلاّ الشكّ في الاستعداد أو مقداره ، ومرجع منعه المتقدّم إلى إنكار الاستصحاب فيما شكّ في استعداده أو مقدار استعداده للبقاء ، وهو إنكار لحجّيته في الشكّ باعتبار المقتضي ، فيكون عدولا عمّا اختاره أوّلا.
إلاّ أن يذبّ عن ذلك : بأنّ الشكّ في الاستعداد أو مقداره قد يكون لاشتباه الوصف مع معلوميّة الموصوف ، بأن يكون ذاتا معيّنة يشكّ في استعداده أو مقدار استعداده للبقاء ، وقد يكون لاشتباه الموصوف بأن يكون ذاتا مردّدة بين نوعين معلومي الوصف مع اختلافهما في مقداره. والمعهود المتداول من الشكّ في المقتضي في ألسنتهم ما كان من قبيل الأوّل ، والقول بحجّية الاستصحاب فيه لا ينافي منع جريانه فيما هو من قبيل الثاني ، ومحلّ البحث من هذا القبيل.
ويتوجّه إليه حينئذ : أنّه يرجع إلى إنكار استصحاب القدر المشترك وهو ضعيف ، وسيأتي تحقيق القول فيه.
وثاني ما يرد عليه : نقض إنكاره الاستصحاب في المفهوم المردّد بالنبوّة المطلقة ، فإنّها بحسب الواقع ونفس الأمر لا تخلو عن النبوّة المؤبّدة والنبوّة المغيّاة إلى غاية منقضية ولا ثالث لهما في الواقع ، فالنبوّة المطلقة ـ بمعنى الغير المقيّدة ـ ومطلق النبوّة سيّان في التردّد بين الدوام والتوقيت. فإجراء الاستصحاب في إحداهما دون الاخرى تحكّم.
إلاّ أن يذبّ عن ذلك أيضا : بإبداء الفرق بينهما بأنّ المطلقة يحكم فيهما بالاستمرار إلى أن يثبت الرافع ، بخلاف مطلق النبوّة الّتي استمرارها غير محرز.
وفيه : أنّ الإطلاق في النبوّة المطلقة ـ بمعنى الغير المقيّدة المقتضي للحكم بالاستمرار ـ إن اريد به الظهور الّذي هو من أحوال الخطاب اللاحقة له ولو بانضمام حكم العقل بقبح الإغراء فالحكم بالاستمرار صحيح ، غير أنّه خروج عن ضابط الاستصحاب ، إذ لا مجرى للاستصحاب مع إطلاق الدليل. وإن اريد به الإهمال الناشئ عن إجمال الخطاب باعتبار عدم وضوح دلالته على إطلاق ولا تقييد ، فلازمه كون قضيّة النبوّة الثابتة به مهملة ، ومرجعها إلى المفهوم المردّد الّذي لا يتّجه فيه الحكم بالاستمرار بمقتضى أصله.
وثالث ما يرد عليه : أنّه يلزم من أصله الّذي ذكره اختصاص جريان الاستصحاب في الأحكام الغير المحدودة بحدود معيّنة بالحكم المطلق وعدم جريانه في مطلق الحكم ، فكثيرا مّا يتردّد الحكم الشرعي بين المطلق والمؤبّد والموقّت فوجب أن لا يجري فيه