عليها لإثبات الاستصحاب يستلزم الإذعان بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، لأنّ الأخبار منه صدرت بلسان أمنائه وصدور مثلها من موسى أو عيسى غير واضح.
وكون البناء عليها في الاحتجاج بالاستصحاب جريا على طريقة الخصم ومعتقده إلزاما له.
يدفعه : أنّ مقتضاها على طريقة الخصم نقض اليقين بيقين مثله ، وهو في العدول عن شرع موسى وعيسى على يقين من نسخه وحدوث شرع نبيّهم ، وإن كان بناؤه على ظنّ البقاء الحاصل في جميع موارد الاستصحاب ، فيتوجّه إليه منع حصول الظنّ أوّلا بسند تقدّم ذكره في أوّل المسألة ، ومنع اعتباره في اصول الدين ثانيا ، لعدم انسداد باب العلم فيها ، والعمدة من دليل حجّيّة الظنّ دليل الانسداد وهو غير جار هنا. وكون الظنّ الاستصحابي من الظنون الخاصّة لا يسلّم إلاّ لدليل خاصّ قطعي وليس إلاّ بناء العقلاء إن كان ، وهو على ما تقدّم في أوّل المسألة إنّما يسلّم في امور معاشهم لا في الأحكام الشرعيّة ولا سيّما الاصول الاعتقاديّة.
ولو سلّم بناؤهم على العمل به مطلقا حتّى الاصوليّة فإنّما يعملون به بعد الفحص وعدم الوصول إلى دليل علمي ، وبدونه لا تعويل عليه عندهم ، ومع حصوله لا بدّ من العلم بأحد الطرفين كما عرفت.
الثالث : أنّ الاستصحاب المذكور لا يفيد إلزاما لنا إلاّ مع يقيننا بالمستصحب وهي نبوّة موسى وعيسى ، ولا مستند له إلاّ أخبار نبيّنا في كتابه وسنّته ، لانتفاء برهان عقليّ وفى بهذه النبوّة الخاصّة ، وانتفاء الخبر المتواتر وشروطه خصوصا كون المخبر به حسّيّا ، لوفور الخطاء في الحدسيّات وإن بلغ المخبرون في الكثرة ما بلغوا ، والاعتماد على أخبار نبيّنا يستلزم انقطاع الاستصحاب لابتنائه على كونه نبيّنا. وتوهّم أنّه يتوقّف على صدقه لا على نبوّته ، يندفع : بأنّ صدقه لا يحرز إلاّ بنبوّته.
الرابع : أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون شريعة موسى وعيسى لما بيّنّاه سابقا من عدم كون نفس النبوّة قابلة للاستصحاب ، والشريعة عبارة عن مجموع ما جاء به النبيّ عن الله سبحانه ، ونحن معاشر المسلمين نعتقد أنّ من جملة ما جاء به موسى وعيسى من الله سبحانه بشارتهما برسول يأتي من بعدهما اسمه أحمد ، فإن اريد بالشريعة المستصحبة ما لم يشتمل على تلك البشارة فنحن لا نعتقدها ، ومعه يستحيل استصحابها. وإن اريد بها ما يشتملها فهي منقطعة بحكم الفرض.