اسلام الوارث وتأخّره عنه في مسألة اتّفاق الوارثين على إسلام أحدهما في غرّة رمضان واختلافهما في موت المورّث قبل الغرّة أو بعدها ، واشتباه تقدّم الطهارة أو الحدث ، واشتباه تقدّم رجوع المرتهن عن الإذن في البيع على وقوع البيع وتأخّره عنه ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى.
وإذا تمهّدت هذه الأقسام فينبغي التكلّم في جريان الاستصحاب فيها وعدمه ، ثمّ النظر في مقدار ما يترتّب على المستصحب العدمي من اللوازم والآثار.
فأمّا القسم الأوّل : فلا ينبغي التأمّل في جريان أصل الاستصحاب وانسحاب العدم الأزلي إلى أن يتّصل بزمان اليقين بالوجود ، لتحقّق شرائط الاستصحاب من اليقين السابق والشكّ اللاحق في البقاء فيشمله عموم قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ وإنّما ينقضه بيقين آخر مثله (١) » ثمّ يترتّب على ذلك المستصحب العدمي الأحكام الشرعيّة المترتّبة عليه حال اليقين به. فبأصالة عدم كرّيّة ماء الحوض في يوم الخميس إلى الآن المتّصل بيوم الجمعة يحكم ببقاء نجاسة الثوب المغسول بذلك الماء وانفعال الماء بملاقاته ، كما أنّ بأصالة عدم موت زيد من يوم الخميس إلى يوم الجمعة يحكم بمضيّ تصرّفات وكيله ومضيّ انتفاعات المستأجر من عينه المستأجرة ، بناء على بطلان الوكالة والإجارة بموت الموكّل والموجر. ولا يترتّب عليه ما زاد عليها من اللوازم العقليّة الّتي منها تأخّر حدوث الموت ، وصدق الحدوث على الوجود المتيقّن يوم الجمعة وهو الوجود المسبوق بالعدم ، بدعوى : أنّ أحد جزئي هذا المفهوم يثبت بالأصل وجزءه الآخر بانضمام الوجود المفروض فيه إليه ، ومرجعه إلى ترتيب هذا الموضوع الخارجي على المستصحب العدمي المتّصل بيوم الجمعة ، للزوم كون الاستصحاب بالقياس إلى هذا اللازم العقلي [ مثبتا ] ولقد عرفت في المبحث السابق أنّه لا عبرة بالاصول المثبتة.
وأمّا القسم الثاني : فلا إشكال فيه أيضا في جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الزمان المتقدّم وهو يوم الخميس في المثال المتقدّم ، ومقتضاه عدم كرّيّة الماء فيه فيترتّب عليه جميع أحكام عدم الكرّيّة ، ولكن لا يثبت به كرّيّة يوم الجمعة لبطلان الأصل المثبت ، ومعارضة أصل العدم بالنسبة إلى يوم الخميس بمثله بالنسبة إلى يوم الجمعة ، إذ المفروض كون الحادث ممّا علم ارتفاعه بعد حدوثه مع تساوي نسبة حدوثه إلى اليومين. فكما أنّ الأصل عدم حدوثه في خصوص يوم الخميس فكذلك الأصل عدم حدوثه في خصوص
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١ ، باختلاف يسير.