عادل » مثلا إذا كان حياة زيد متيقّنة في زمان مشكوكة في آخر ، ووجود عمرو متيقّنا في زمان مشكوكا في آخر ، وعدالة بكر متيقّنة في زمان مشكوكة في آخر ، فيعتبر كون الموضوع في القضيّة المشكوكة هو زيد أو عمرو أو بكر على الوجه الّذي اخذ موضوعا في القضيّة المتيقّنة ، وهو الذات المعرّاة عن وصف المحمول ـ أي المأخوذة لا بشرط وصف المحمول ـ سواء كان المحمول هو الحياة أو الوجود أو العدالة وإنّما اعتبر ذلك في موضوع القضيّة إحرازا للمغايرة الذهنيّة فيما بينه وبين المحمول لئلاّ يلزم حمل الشيء على نفسه. وبذلك يندفع ما استشكله بعضهم في كلّية اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب لانتقاضها باستصحاب وجود الموجودات عند الشكّ في بقائه ، فإنّ بقاء الشيء عبارة عن وجوده الثانوي أعني وجوده المسبوق بالوجود ، فلو كان ذلك معلوما في الزمان الثاني ـ كما هو المراد من احراز بقاء الموضوع في الزمان الثاني الّذي هو زمان الشكّ ـ فلا حاجة في الحكم ببقاء وجود الموجود في الزمان الثاني إلى وسط ، فما معنى استصحابه؟ وكذا الكلام في استصحاب الحياة.
ووجه الاندفاع : أنّ بقاء الموضوع وإن كان عبارة عن وجوده الثانوي إلاّ أنّه في كلّ شيء بحسبه من الوجود الثانوي ذهنا أو خارجا على النحو الّذي اخذ في القضيّة المتيقّنة ، فالموضوع في نحو « زيد موجود » و « عمرو حيّ » الذات المعرّاة عن وصفى الوجود والحياة وهي الذات المتقرّرة في الذهن ، وفي نحو « زيد عادل أو فاسق » الذات الموجودة في الخارج المعرّاة عن وصفي العدالة والفسق ، فبقاؤه في نحو الأوّلين لا يقتضي وجوده الثانوي الخارجي ليلزم من احرازه والعلم به رفع الحاجة عن الاستصحاب ، بل معناه كون المتقرّر في الذهن في زمان الشكّ هو المتقرّر في زمان اليقين.
ومرجع اشتراط بقاء الموضوع إلى وحدة موضوعي القضيّة المشكوكة والقضيّة المتيقّنة ومرجع ذلك إلى وحدة القضيّة في زمان اليقين والشكّ ، وبذلك ظهر أنّ تعدّد القضيّتين المتيقّنة والمشكوكة إنّما هو باعتبار تعدّد زماني اليقين والشكّ ، وإلاّ فأصل القضيّة واحدة في الزمانين ، ولا تصير واحدة إلاّ بوحدة الموضوع في الزمانين ، ويلزم من ذلك وحدة المحمول أيضا ، فرجع الكلام إلى أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب وحدة الموضوع والمحمول في قضيّة يستصحب حكمها من زمان إلى آخر ، ولو انتفى وحدة الموضوع فلا استصحاب ، كما أنّه لو انتفى وحدة المحمول أيضا فلا استصحاب.