وعن الشهيد في الذكرى (١) الاستدلال بها على المطلب ، واختلفت الأنظار في اختصاصها بشبهة الموضوع كما جزم به بعض الأعلام (٢) وعمومها لشبهة الحكم أيضا كما زعمه السيّد صدر الدين في شرحه للوافية ، بناء على أحد محتملات الرواية قائلا : قوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام » يحتمل أحد معان :
الأوّل : إنّ كلّ فعل من جملة الأفعال الّتي تتّصف بالحلّ والحرمة ، وكذا كلّ عين ممّا يتعلّق به فعل المكلّف ويتّصف بالحلّ والحرمة إذا لم يعلم الحكم الخاصّ به من الحلّ أو الحرمة فهو لك حلال ، فخرج ما لا يتّصف بهما جميعا من الأفعال الاضطراريّة ، والأعيان الّتي لا يتعلّق بها فعل المكلّف ، وما علم أنّه حلال لا حرام فيه ، أو حرام لا حلال فيه ، وليس الغرض من ذكر هذا الوصف مجرّد الاحتراز ، بل هو مع بيان ما فيه الاشتباه.
فصار الحاصل : أنّ ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما فهو حلال ، سواء علم حكم لكلّي فوقه أو تحته ، بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحقّقه في ضمنه لعلم حكمه أيضا أم لا ... إلى آخر ما ذكره (٣).
ومراده من الكلّي المعلوم حكمه الّذي فوق المشتبه كالمذكّى بالقياس إلى اللحم المشترى من يد مجهول الحال المشكوك في حلّه وحرمته ، وهو بحيث لو علم اندراجه في المذكّى لعلم حكمه.
ومن الكلّي الّذي تحته ، الفقّاع بالقياس إلى المسكر المشكوك في تحقّقه في ضمن الفقّاع المعلوم حرمته وعدمه ، المشكوك من جهته في حلّه وحرمته ، مع العلم بحرمة الفقّاع الّذي هو كلّي تحته على تقدير كونه كالخمر مسكرا ، فإنّه بحيث لو علم تحقّق المسكر في ضمنه لعلم حكم المسكر أيضا وإلاّ فلا.
وممّا لا يعلم حكم كلّي فوقه ولا تحته ما هو مثل شرب التتن ولحم الحمير وغيرهما من المشتبه بالشبهة الحكميّة.
وقضيّة الفرض شمول حكم الرواية لمشتبه الموضوع ومشتبه الحكم ، والكلام في صحّة حمل الرواية عليه وسقمه مبنيّ على النظر في ألفاظ الرواية ، لتشخيص ما يظهر منها عن غيره.
فنقول : إنّ « الشيء » مفهوم عامّ يشمل بعموم مفهومه للموضوع الخارجي والعنوان الكلّي ، والظرفيّة في قوله عليهالسلام : « فيه » تفيد الاشتمال ، وهو حسبما يتصوّر في مورد الرواية
__________________
(١) الذكرى ١ : ٥٢.
(٢) القوانين ٢ : ١٧.
(٣) شرح الوافية ( مخطوط ) : ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ، نقلا بالمضمون.