يحتمل معاني ثلاث :
الأوّل : الاشتمال الفعلي الحسّي الخارجي كاشتمال الكلّ على أجزائه ، فيكون التقدير حينئذ كلّ مركّب مشتمل على جزئين حلال وحرام بواسطة اختلاط الحرام بالحلال ، فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه.
الثاني : الاشتمال الفعلي المعنوي العقلي كاشتمال الكلّي على أفراده ، فيكون التقدير حينئذ : كلّ كلّي مشتمل على فرد حلال وفرد حرام فهو لك حلال إلى أن تعرف الحرام منه بعينه.
الثالث : كون المراد به الاشتمال الشأني الاحتمالي ، وذلك كما في المحتمل للحلّ والحرمة ، فإنّه بحسب الاحتمالين صالح للاتّصاف بكلّ منهما ، فيكون مشتملا على الحلال والحرام اشتمالا شأنيّا ، وبناء المعنى المذكور على تنزيل الظرفيّة على الاشتمال الشأني بدليل قوله : « فصار الحاصل أنّ ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما » فإنّه يعطي جعل الشيء عبارة عمّا اشتبه حكمه ، وهذا أردأ الوجوه وأضعفها.
فأوّل ما يرد على الحمل المذكور : أنّه خلاف ظاهر الظرفيّة ، لظهورها في الاشتمال الفعلي على الحلال والحرام وهذا مشتمل على احتمالي الحلّ والحرمة مع كونه في الواقع إمّا حلالا أو حراما على وجه الانفصال الحقيقي ، هذا مع قضائه بارتكاب خلاف ظاهر آخر في لفظي « الحلال » و « الحرام » لأنّهما عبارتان عن الذات الموصوفة بالحلّ والحرمة ، والحمل المذكور يستلزم إرادة نفس الحلّ والحرمة على حدّ إطلاق المشتقّ على المصدر.
وثاني ما يرد عليه : أنّه لا يلائم الحرام بعينه في قوله : « حتّى تعرف الحرام بعينه » ، بل لا يلائمه وكلمة « منه » على ما في بعض النسخ لا لفظا ولا معنى.
أمّا الأوّل : فلأنّ المناسب له إنّما هو التعبير بحرمته لا الحرام منه.
وأمّا الثاني : فلأنّه يدلّ على أنّ الحرام أمر محقّق في الشيء ، موجود فيه بحسب الواقع ، مغاير له بحسب المفهوم والعنوان مغايرة الجزء للكلّ أو الجزئي للكلّي ، كما يساعد عليه أيضا ظاهر قوله عليهالسلام : « بعينه » وقضيّة الفرض وجود الحرمة فيه على سبيل الاحتمال والترديد ، لا وجود الحرام فيه على سبيل التحقيق.
وثالث ما يرد عليه : أنّه يوجب عراء الوصف عن الفائدة ، لأنّ محصّل ما ذكره في بيان فائدته من أنّه لبيان ما فيه الاشتباه مع الاحتراز عمّا لا يتّصف بشيء من الحلّيّة والحرمة ، وعمّا لا يتّصف إلاّ بأحدهما ، هو أنّه لبيان موضوع الحلّيّة المستفادة من قوله عليهالسلام :